قالولوا          كتب إميل لبيب

قالولوا          كتب إميل لبيب

0

قالولوا          كتب إميل لبيب

يفضل المصريون التعلم عن طريق السمع، فنحن شعب سميع نقدر قيمة الكلمة المنطوقة

ونضع المتكلمين والوعاظ فى مكانة تفوق الكتاب والمخترعين

فعدم إقبال أغلبية المصريين على القراءة يجعلهم يعظمون ويجلون أصحاب الكاريزما الخطابية

فيقبلون كل ما يقولونه دون فحص او تدقيق فيكفيهم ان ” فلان ” قال وهذا وحده كافى ليتعاملوا مع كل مايقوله فلان هذا وكأنه حق لا يقبل التشكيك فيه

وكيف يتحققون من صحة ما يقال وهم ليس لديهم الرغبه فى القراءة او البحث والتدقيق

فيكفى ان يهل عليهم هذا الشخص بطلته ويقول لهم قال العلماء

او قال المفكرون

او قال الآباء

او قال السلف الصالح

ليستقبل عقل المستمعين أقواله هذه وكأنها وحياً يوحى به

وكيف يكذبونه وهم وقعوا فى أسر محبته وهو يقول لنا ويعلمنا كيف يجب ان نسلك فى الحياة

ان الكثير من تعاليمنا مستمده من أقوال وأخبار نقلت لنا دون توثيق صحيح او أمانه فى النقل

قد يكون هذا بسبب الجهل او المصلحة فى النقل بهذه الصورة لضمان منفعه ما او سلطة معينة

لنجد من ينشر هذه الأقوال وكأنه إختبر صحتها او عايشها بنفسه، ولكى يعفى نفسه من تحمل مسئولية النقل يسبقها بكلمات مثل:

. سمعنا

. بيقولوا

ليشبه شخصية سرحان عبد البصير فى مسرحية شاهد ما شافش حاجة لعادل امام، ليصبح الدليل ” قالولوا

للخروج من أزمه الثقافة النقلية نحتاج أمران هامان:

التوقف عن قبول مايقوله وينقله لنا البعض دون التفكير فيما يقال

فنحن نحتاج قبل قبول اى تعليم او حتى مقوله التأكد من:

. من قائلها من حيث مكانته او دوره ومهمته وقتها

. متى قيلت، فى اى مناسبة قيلت

. لمن قيلت، الفئة التى قيلت لهم او حتى الشخص الذى قيل له هذا

. الكلام السابق واللاحق للمقوله او التعليم المقتبس

الأمر الثانى الذى نحتاجه هو مراجعة الأقوال من مصادر الكتب، والمصادر نوعان:

مصادر أوليه وهى أمهات الكتب المكتوبه من خلال صاحب الفكر الأصلى دون نقل الفكر او الفلسفة التى ينادى بها من أحد

مصادر ثانوية وهى التى إعتمدت على الكتابات الأصلية الأوليه فى نقل الفكر مع بعض إضافات ومزايدات من كاتبها

ومن المعروف ان اى كاتب لا يستطيع التحلى بالحياد الكامل فيما ينقل او يقول، وبخاصة فيما يتعلق بالتاريخ او العقيدة

فلابد وان تتدخل ذاتية وفكر الكاتب فى النقل، لذلك لابد من الحرص فى قبول المكتوب بالكامل

ولضمان المصداقية والوصول للصورة الأقرب للحقيقة نحتاج القراءة والدراسة من مصادر وتوجهات مختلفة الإنتماءات

لقد قيل عنا اننا شعباً لا يقرأ، وهذه حقيقة الغالبية منا التى إستسهلت السمع عن القراءة، ونتيجة هذا الإستسهال أصبح من السهل توجيههم من خلال مداعبة أذانهم بمعسول الكلام وحلو الوعود

ليقعوا ضحايا تكرار أخطاء الماضى نتيجة عدم قدرتنا على قراءة التاريخ والتعلم منه

Leave A Reply

Your email address will not be published.