مواطن الجراح
بقلم:حنان الشيمي
ابنة عمتي طلقت اليوم بعد زواج دام أكثر من عشر سنوات،
هاتفتها لأواسيها وقد كنت على دراية ببعض أحوالها،
زوجها كان رقيقا رفيقا حنونا عطوفا يراعيها ويهتم بها،
أما هي فدائما تفقد السيطرة على أعصابها تصرخ فيه أمام الجميع تتأفف من اهتمامه بها.
الحقيقة أردت أن أوبخها وأقرعها على طلبها الطلاق
وكانت أول كلمة ألقي بها في وجهها: “أنتِ لا تستحقينه فهو أفضل منك وبطرك هذا عليه سيكون وبالا عليك”.
لن أنسى ما حييت تنهيدة صدرت من بين ضلوعها قبل أن تصمت تماما
لم تنطق وكل ما قالته الحمدلله.
أغلقت الهاتف لتخبرني أمها بعدها أن ابنتها تحدثت أخيرا لوالدها ومن ضمن أسباب الطلاق علاقات زوجها المتعددة والتي لم تعد تحتمل السكوت عليها والتي فشلت في تقويمه أو إصلاحه فهي مسكينة تخشى على بناتها عاقبة ما يفعله زوجها
لم أجد حرفا واحدا يليق بما سمعت فسكت.
🌺🌺🌺
جارتي التي فقدت حملها بعد سنوات انتظار طويلة جاءتني تلقي نفسها بين يدي تلتمس عندي الراحة والسكينة عسى كلمة تريح فؤادها المكلوم عسى لمسة تجبر خاطرها.
وبالفعل ظللت أحدثها عن أجر الصبر وجزاء الصابرين أهون عليها الأمر.
لكنها كانت كل مرة تتمادى في الشكاية وتكثر الشكوى فما كان مني بعد أن استنفذت طاقتي إلا أن أذكرها بأنعم الله عليها وأن كربها ربما كان رحمة بها وأن منعها قد يكون منحة لها
فماذا إن اكتمل حملها وولدت طفلا معاقا أو مشوها أو ربما مريضا تحمل همه وتعاني معه بقية عمرها.
لن أنسى أبدا نظرتها قبل أن تبتلع لسانها وترحل عني.
🌺🌺🌺
زوجة عمي التي تحبنا كأولادها تتصل بنا كل فترة لتطمئن علينا.
حدث مرة أنها اتصلت بنا تشكو أحوال أولادها وغدر زوج ابنتها وظننت أني أغلقت الهاتف؛ لنسرد باستخفاف بعض مواقف أولادها ونتحدث عن شح زوج ابنتها وما فعله معهم وعن جارتها التي جاءت تشتكيها لنا كل هذا وصل إلى مسامعها ليجرح قلبها قبل أذنها.
لن أنسى ما حييت صوت بكائها قبل أن تغلق الهاتف إلى الأبد.
🌸🌸🌸🌸
في حضرة الألم إن لم تستطع المواساة فعليك بالصمت فهو أفضل.
ابتلاؤهم لا يحتمل لومك وتأنبيك فكن عطوفا وانتقي حروفا تضمهم بها.
وإياك أن تصفعهم بعتب وملامة لا محل لها
هم أحوج ما يكون ليد رحيمة ويكفيهم ما يلاقونه من عذابات جلد الذات.
الكلمة الطيبة صدقة وفي مواطن الجراح تكون فريضة واجبة متى استطعت إليها سبيلا.
