صرخة وشهقة .للكاتب/عبد القادر محمد الغريبل
تبرأ الأب منها، وأدارت الأم ظهرها لها، وتنكرت الصديقات لها، فخرجت من البيت لا تلوي على شيء، تجر قدميها جرا، إلى أن أشرفت على المدشر وقد نال التعب والعطش منها،صادفت بستانا غير مسور في طريقها، به بئر دون دلو، تفقدته في الأنحاء ،إلى أن أفضى بحثها عنه لبيت قديم ،طرقت بابه، لا أحد، أحست بوجع فظيع في بطنها، قعدت قرفصاء على عتبته مسندة ظهرها على الباب، انفتح على مصراعيه ،نادت على أصحابه، لا أحد، دون أدنى تفكير في الأمر تحاملت على نفسها واستوت على قدميها، تدلف لعقر الدار من أجل شرب الماء، فجأة تناهى لسمعها وقع خطى تدنو، داهمها خوف مريع …
فلم تجد مكانا تتوارى فيه غير دولاب ملابس،انسترت بداخله وقد اشتد روعها لما سمعت صوتا أجشّا:
_أحتاج ملابس نظيفة يجيبه صوت رخيم:
_ابحث في الخزانة أيها الولد الكبير
داور مقبض باب الخزانة،لتفاجأه بداخلها
_من أنت؟ من أدخلك؟كيف دخلت؟ أأنت لصة؟
_كلا لست بلصة ولا شيء من هذا القبيل
_ لم أفعل شيئا
_ماذا تفعلين في الخزانة ؟ كيف انتهى الأمر بك هنا؟
_ألم تر أنها حامل؟ ألم تر انتفاخ بطنها؟
_لا يمكننا تركها متكومة بالخزانة
_تعالي في أي شهر أنت؟
_اعطني بعض الماء
_دعيها تجيب أولا
_ في أي شهر أنت
_ في الشهر الثامن بالإضافة إلى أسبوعين
_ في الشهر الثامن ماذا ستنجبين قريبا؟
_ لقد كنت على الطريق هائمة على وجهي إلى أن انتهيت على مخبئي
_هذه هي قصتي
_ارحمني وأخلِ سبيلي لم أفعل شيئا
_ أمر محزن حقا
أحست بتزايد الانقباضات وألما لا يطاق أسفل البطن وصعوبة في التنفس.
_سيخرج الآن ….
_افتح الباب لي
_ هيا أسرعي
_ هيا اسمح لي أن أمسك ساقيك
_ادفعي بعون الله يمكنك القيام بذلك
_تنفسي تنفسي هكذا
_هل هذه أول ولادة لك؟
_أمسكها بقوة
_أدفعي هكذا فتاة مطيعة بعون الله ستنجبين
_لا أستطيع لا أستطيع
_في الماضي كانت الإناث يلدن في كومة قش
_ لا أقدر
_تنفسي هكذا
_أجل هكذا
_ فكري أن الأمر سينتهي قريبا,الأمر أشبه كما لو كنت تتغو….
_حاولي مجددا، ادفعي هكذ
_ أحسنت أدفعي هكذا
_ أحسنت هكذا
__ هاهو هاهو
_ أيها الثرثار تعال إلي ناولني السكين سخنها فوق النار
_طفلي ليعنني الله
_هاهو طفل
_هل هو ولد؟
_أجل قلت إنك لا تستطيعين
_ هيا …..اسكتيه
_ آسف على طريقة الولادة هذه …..جد فوضوية
_أيتها الأم اجعليه يهدأ
_أعطني الطفل………
أخذته لحضنها وهي ترتعش كورقة خريفية في مهب الريح
يصرخ وليدها صرخات
تشهق أمه شهقة النزع الأخير.
