حكايات من زمن فات..حكاية “الخواجة سكوت” أول مفتش ري في المحروسة !! بقلم/ شذى يحيي

حكايات من زمن فات..حكاية "الخواجة سكوت" أول مفتش ري في المحروسة !!

0

حكايات من زمن فات..حكاية “الخواجة سكوت” أول مفتش ري في المحروسة بقلم/ شذى يحيي

 

لشوارع مصر أسماء عجيبة تحمل روائح مهن وألقاب أشخاص ومعارك وحكايات وروائح وتواريخ حلوة ومرة أغلبها نسى وطواه الزمن ولم يبقى منه إلا الاسم الذى اصبح عادى حتى ان احدا لا يبحث عن سببه او صاحبه .

أحد هذه الشوارع شارع صغير وحيوي فى جزيرة الزمالك الهادئة فى مدخله لافتة زرقاء انيقة كتب عليها شارع المنصور محمد ،سكوت مونكريف سابقا

هذا الشارع الذى سكن فيه عميد الادب العربي الدكتور طه حسين و يحمل الان اسم السلطان المملوكى المنصور محمد بن قلاوون ابو النصر ،سمى اصلا على اسم رجل اسكتلندي مر على مصر سائحا بعد تقاعده قبل العودة إلى بلاده وانتهى به الأمر كأول مفتش رى لوزارة الأشغال العمومية المصرية

فمن هو السير كولين سكوت مونكريف؟ولماذا استحق أن يطلق اسمه على أحد شوارع المحروسة ؟

الكولونيل كولين سكوت مونكريف (١٩١٦-١٨٣٦)كان جنديا وموظفا ومهندسا فى الجيش البريطانى بدأ عمله فى شركة الهند الشرقية البريطانية بالهند كجندى فى فيلق البنغال الهندسى التابع للشركة والذى أعيد دمجه فى الجيش البريطانى فى تاريخ لاحق .

وصل مونكريف إلى الهند سنة ١٨٥٨ لإعادة البناء بعد ثورة ١٨٥٧ لكن سرعان ما عين فى وظيفة مشرف الرى فى منطقة قناةنهر جامونا وبعدها مشرف على قناة نهر الجانج ثم نقل إلى بورما ليتقاعد فى عام ١٨٧٨ بعد حصوله على وسام نجمة الهند .لكن مجد مونكريف الذى دخل بسببه التاريخ لم يكن قد بدأ بعد .

مونكريف كان فى طريق العودة إلى بلاده مرورا بالسويس عندما طلب منه مقابلة اللورد دوفرين فى القاهرة فى تلك الفترة لم يكن الانجليز قد احتلوا مصر رسميا كانت ولاية عثمانيو لكنهم كانوا قد سيطروا بالفعل على مفاتيح الرى والزراعة وحلوا محل الفرنسيين فى كل الوظائف.

وكان الغرض من تعيين مونكريف هو ضبط نظام الرى النيلى وإصلاحه وتطويره للحصول على أكبر انتاجية من محصول القطن المصرى طويل التيلة لتشغيل مصانع ليفربول ومانشستر لذلك كان أول ما قام به هو استحداث نظام مركزى للإشراف على توزيع المياه بالعدل يشرف عليه مفتشين اجانب يتبعون له مباشرة ويقدمون تقرير عن أعمالهم كل ١٥ يوم كما قسم مصر إلى خمسة تفاتيش رئيسية ليسهل الإشراف عليها وعقد الكونتراتات مع المقاولين المحليين لتنظيف وتطهير الترع والمجارى المائية

كما واستحدث عدة أقلام مثل قلم عموم الأشغال وقلم الإشراف على العمارات الميرى المصادرة وقلم للاشراف على الموانئ وإصلاح السفن وهندسة القناطر والسدود الخ …..واستصدر لوائح لتنظيم عمل الموظفين وتنظيم السخرة وتنظيم عموم الرى كما استصدر قانون لترخيص الشواديف لمنع الرى الجائر واستصدر قانون بحماية الجسور والقناطر وقرار بوجوب ترخيص أى الة بخارية لرفع المياه

.

اما أبرز إنجازات مونكريف فى مصر فكانت إصلاح قناطر الدلتا التى أنشأها الوالى محمد على فى الفترة من ١٨٤٣ واستمرت الإنشاءات حتى ١٨٦٣ ليظهر بعدها تصدعات فى بدن القناطر يعوق القيام بوظيفتها الأساسية واستعملت كجسر بين ضفنى النيل فى البداية

جرب مونكريف إصلاح جزئى وعندما نجحت فكرته استطاع إقناع صندوق الدين المسيطر على ميزانية مصر بعد الافلاس بتخصيص مليون جنيه لإصلاح القناطر وتطوير البوابات والقناطر الفرعية الملحقة به.

وقد استغرقت عملية الإصلاح عدة سنوات وهي الفترة من بين ١٨٨٥ حتى ١٨٩٠ وغادر مونكريف مصر سنة ١٨٩٢ بعد أن حول النظام الزراعى فيها إلى نظام حديث بمقاييس الفترة بعد إهماله بالكلية فى عهد الخديوى اسماعيل ولجهوده الكبيرة فى هذا المجال حصل على لقب ووسام فارس وبعد عودته إلى بلاده خدم لفترة فى حكومة اسكتلندا وتقاعد فى ١٩٠٣ بعدها توفى فى هدوء سنة١٩١٦
كتب مونكريف مذكراته وطبعت فى كتاب كما كتب كتاب عن تجربته فى إصلاح قناطر الدلتا
وتكريما له أطلق اسمه على الشارع الهادئ فى حى الزمالك
حتى تم تغييره إلى المنصور محمد.

Leave A Reply

Your email address will not be published.