الجزء الرابع و الأخير من قصة ” أمنية ” بقلم الكاتبة: مرام جبري

0

الجزء الرابع و الأخير من قصة ” أمنية ” بقلم الكاتبة: مرام جبري

 

لهول مامرّت به، بعد تلك الحادثة تعطّل دماغها وأصبحت تعاني من إضطراب ما بعد الصدمة مما أدى بها للمكوث في المصحّة العقلية، حجزوها في غرفة ضيّقة رغم أنها تهاب الأماكن الضيّقة كما زادوا في جنونها بسبب جلسات الكهرباء اليومية وأدوية النوم التي أصبحت ترافقها أينما حلّت.

عندما نثق بشخص وبشدة ثم يخذلك تشعر وكأنّه غرس على يسار صدرك خنجرا لا يزال بأيّ طريقة، تشعر بأنّ كلّ ما حدث بينكم راح هبائا لا أكثر. كنت أقول دائما أن كلّ الآلام والجروح تداوى وتشفى إلاّ ألم قلبك غير كفيل بلملمة ذلك الجرح حتّى وإن تلملم تبقى هنالك ندبة تذكّرك به.

ما نتعرّض إليه من صدمات وكدمات لاينبغي أن يكون عائقا على مواصلة الحياة والإختفاء عن أعين النّاس.

فعلا إننا نعيش وسط مجتمع لا يرحم المرأة، مجتمع ذكوري بحت حين ترتكب فيه المرأة خطيئة تنعت بأبشع وأقبح الصّفات إضافة إلى أنّهم يحددون لها الطريق الذي ستسلكه وكأنّهم بمثابة الإلاه. مجتمع ذكوري تغتفر فيه أخطاء الرّجال تحت مقولة :”الرّجال لا يخطئون والمرأة لا مكان لها غير بيتها”.

لقد ثارت المتمرّدة الصغيرة عن كل هذه الترّهات والمعتقدات البالية، رغم أنّها تعرّضت للإغتصاب ورغم أنها وسط مجتمع يقيس شرف المرأة وعرضها بغشاء بكارة إلاّ أنها لملمت شتاتها ونهضت حين تذكّرت سنوات شقاء والدها في العمل، تذكّرت أنها السّنة الأخيرة في الجامعة وقريبا ستعانق الحلم.

لم تواصل البكاء والنّحيب لأن ذلك لن يفيدها بشيء، أوشكت على إنهاء المرحلة الجامعية وفي يوم التخرّج حصلت على شهادة المحاماة بملاحظة حسن جدّا، شهادة تخوّل لها أن تباشر الشغل في إحدى الدول الأوروبية لكنها رفضت ذلك وتناولت المصدح من يد أستاذها وهتفت بأعلى صوت:” أنا هنا، سأحمل على عاتقي قضيّة كلّ أنثى تعرّضت للإغتصاب وكأنّها قضيّتي، أنا هنا من أجل كل النّساء، أنا هنا من أجل من هنّ العمود الفقريّ التي تستقيم به البلاد”.

أخيرا أريد أن أقول قلب المرأة لا يموت، قلب المرأة ينازع طويلا لكنّه لا يموت.

Leave A Reply

Your email address will not be published.