“أعِد إليّ وِحدتي” بقلم/ مريم عبد الجواد

0

“أعِد إليّ وِحدتي”

بقلم/ مريم عبد الجواد

 

لستُ أعلم على وجه التّحديد ما الذي قد يحمل شخصًا على أن يفرّط في حرّيّته لقاء المعاناة..

كلّ محاولاتي للهروب، مقاومتي العنيدة بكبرياء يحتضر و تجاهلي المبالغ لما يحصل بعقلي كانت تنتهي دائمًا على أعتابك..

ربّما يسمّيه البعض هوسًا بيد أنّني أجده وصفًا غير منصِف لتجربة بهذا العمق..قد لا تكون للكلمات قدرة كافية على استيعاب ثقل التّجارب الانسانية و الولوج عميقا حيث فوضى الرّوح لحصرها في كمّ وجيز من الأحرُف المكرّرة. لذلك هي تقبع في أسفل القائمة بعد البكاء و الصّراخ إذا ما تعلّق الأمر بحروبنا الدّاخلية. عكس الصّمت الّذي لطالما كان ملجأً لا يخون باستطاعته خلق المعنى أو قتله في ظرف لحظات..

يهرب القلم بي دائما إذا ما حاولت شرح قصّتنا الغريبة، لا أظنّني أحتمل رؤيتها موثّقة على صدر الورق كمصلوب ينتظر، مُعلَنَة بوضوح كذنب بريئ..

أنا يا عزيزي شخص وحيد، وحيد جدّا و لم يكن سهلًا جعل وحدتي شاعريّة كما تبدو. لقد تطلّب الأمر مشقّة كي أحبّها، كي أجعل منها صحبة هادئة أعود إليها كلّما ركلتني الحياة بقسوة.

 حتّى اقتحمتها أنت و أصبح وجودك فكرة ترافقني اينما حلّت قدماي و تطرد وحدتي بعيدًا..

يسخر القدر منّي كما اعتاد و ينعتني الآخرون بالمجنونة الّتي ترافق فكرة.

الحقيقة إنّهم على حقّ و أنّك لم تكن موجودا يومًا لأجْلي رغم أنّ ذلك أكثر ما أردت. لم تقترب كثيرا و لا أنا قد فعلت فكلانا خاف الاحتراق، لكنّني أفضّل الفَناء رمادًا على أن يسرقني طيفٌ باهت من نفسي..

ليتنا نحترق كلانا فيتبدّد الكون و نغرق في النّسيان و ليتك تتلاشى بسلام من ذاكرتي كما يفعل الأموات تدريجيّا.

لكن كيف ذلك و عقلي يعجّ بك و كذلك طرقاتي..

الطّريق الّذي أسلكه إلى العمل يعرفك جيّدًا، يخبرني أنّك وغد متلاعب فأحتجّ و عيناك حجّتي..أتشبّث بك كذنب صغير و أقول أنّهم لم يروا الجانب الرّائع الّذي رأيت

 أو ربّما لم أفعل، ربّما كنت أنا من سهر على تزيين ذلك الجانب فتأتي أنت صباحا و تخرّبه بطيشٍ كطفل لاهٍ..

على حافّة الطريق شجرة قديمة ترفع أغصانها عاليًا و هي تترقّب مروري كلّ مساء علّها تراني أبتسم أو تلمحك بصحبتي، حتّى أغتال حماسها و أنا أمرّ أمامها ظلّا أخرس يقتاد فكرة عمياء،

 هكذا كنّا

أُسِرُّ إليها بحصيلتي من الخيبات و أدّعي أنّني نفضتك عن قلبي بينما تنكمش أصابعي في جيبي محاوِلة خنق أملٍ ضئيل بدأ يترعرع بداخلي و منعه من الظّهور فيتّهمني الجميع بخيانة يأسي..

هكذا كان الأمر

قصّة جوفاء يسكنها البرد و انتظاران.

الأوّل انتظار أن تأتي و الآخر أن أنساك و أعود إلى دفء وحدتي..

Leave A Reply

Your email address will not be published.