“وداعاً”
بقلم:بسمة بدران
“وداعاً”
كانَ وداعهُ بارداً مكسوّاً ببعضِ العَنجهيةِ التي يَزدري بها الدنيا،
ويَمقتُ عن طريقِها أقدارهُ، ويسخطُ من خِلالها عليّ وعلى أيامه !
كانت يداهُ باردةً كلوحِ الثلجِ، واهنةً مُتراخيةً كأنّ عِظامها دُكّت قبل أن يأتيني بِخبري،
لا أعلم هل كانَ يخشى سياطَ القلبِ الذي أحبّهُ فتنكّرَ له!، أم أنه يعلم سأزيدهُ من الكرمِ صاعاً،
وأُجازي القسوة فيه حُنوّاً، ولَكَمات كلماتهِ صمتاً يجعل عقله لا يتوقف عن الضجيج مادامَ يتنفس!
كانَ الجوُ خانقاً، تنبعثُ في تلابيبهِ رائحةَ المقابرِ، المشهد الأخير في المسرحيةِ الهزليةِ التي صنعها،
وصوت إنكسار عروس الماريونيت يتزيّن أمامَ ناظريهِ
تترقّبُ نُطقهُ للفظةِ “الإنعتاق” التي تتمنى أن تسمعها رُغم أنها ضد رغبتها!
تفشّى السر، وانطلقت سهامُ خباياه، سقطَ آخرُ الأقنعة،
وتكشَّف الشبحُ أمامي غير آبِهٍ بعقابٍ لعلمهُ أنّه في قلبٍ أمين وآمِن؛
ليبقى في حلقي سطرٌ وشوشت به الباقي من عمري:
“كلّ هذا الجهد المبذول من أجل إسقاطي!،
ارتفعت أنا وتركتهُ يسقط ولكن هذهِ المرة من عيني!”
