مذكرات مريض نفسي بقلم/ آمنة بن مسعود

مذكرات مريض نفسي بقلم/ آمنة بن مسعود

0

مذكرات مريض نفسي بقلم/ آمنة بن مسعود

 

اليوم الرابع و العشرون من مايو لعام ألفين و عشرين .. إنّ شريط حياتي يعرض أمامي الآن ألاف من الناس دخلوا حياتي و ألاف منها خرجوا وتركوا فيها أثرا، إني أكاد أجزم أن معظمهم سبب ما يحدث معي الآن. أصبحت أتهافت لزيارة طبيبي النفسي لتلقي العلاج لا أدري ربما هذه الجلسة رقم ثمانون أو أكثر.. أذهب لطبيبي أو كما أسميته بئر أسراري أعلم أن كل ما يقوم به يعد بالواجب و لكني أعتبره معروفا حقيقة إن البشر غير جدرين بالثقة يا صديقي ، حتى أمك لا تحفظ سرك بل تفشيه للخالة ، لذلك لا تثق في احد حتى نفسك ، تشعر بالراحة و الإطمئنان بإتجاه شخص ستبوح له بكل أسرارك لا شعوريا ، إنها لعنة تصيب من يظن كل الناس طيبون مثله و بطول الفترة أصبح لي صديق و لكنه محب للظلام و لا يريد أن يراه أحد حتى إن عائلتي تنعتني بالجنون عندما أحدثهم عنه و لكن لا بأس هو بجابني لا يهمني رأي هؤلاء الحمقى ،لقبته بتوأم روحي فقد رأيت أنه يليق به … أظن أنه اعجب بما منحته، حتى أنه إبتسم لي رغم صمته المريب إنه يظل طول الوقت صامتا يحدق بي إلا أنه ذات ليلة خطى لي بعض الكلمات على الحائط ، لكني وجدت صعوبة في ترجمتها نظرا لقدم اللغة الممارسة أظن أنها لغة مسمارية قديمة أو ما شابه قضيت وقتا أحاول ترجمة الكلمات إلا أني بعد جهد جهيد توصلت لشيء “عند منتصف الليل و تلامس عقارب الساعة تجديني هناك عزيزتي ” و عندما نظرت إليه اشار إلى سطح المنزل أؤمئت له برأسي كعلامة رضا وعدني بزيارتي كل ليلة ليطمئن عليا و إتفقنا بأن نلتقي تحت ضوء القمر و بريق النجوم اللامعة التي تشعره بالأمان، فقد أخبرني بميله للهدوء و السكينة و الأماكن خافتة الاضاءة، لذلك و لنيل رضاه أنعزل عن الناس و أحافظ على عتمة الغرفة لأستقبله برحابة صدر .وفي ليلة حدث شجار بيني و بين عائلتي ركضت نحو غرفتي و الدموع تملئ عيني إرتميت بجسدي الضعيف على سريري و لوهلة لمحته مقبلا إلي حقا انه هو ،مسحت الدموع اللعينة من عيني و عانقته بكل ما أوتيت من قوة !!..و لكن يا صدمتي حين إكتشفت أني كل ذلك الوقت كنت أتحدث مع جسم شفاف! فعندما هممت بعناقه تشابكت يدي بينما هو بقي يحدق بي كعادته إبتعدت قليلا و مددت يدي نحوه.. فإذا بها تخترق جسده و تمر منه.. و عندما نظرت له كان يريد أن يقول لي شيئ أو ربما كان يرتب كلماته قبل أن ينطقها بقينا نتبادل النظرات،، عندما سمعت صوتا خافتا كأنه صوت ملاك يتحدث …حقا لقد تكلم !! و يا فرحتي لقد إنفجرت أسارير وجهي !! كنت قد خيل لي أني أصبت بالجنون .. لقد أخبرني بأنه ليس إلا قريني الذي يهب لنجدتي عندما احتاجه او عندما يشعر بمعناتي … و يذهب عندما أصبح أحسن حالا اسودت بصيرتي و كياني في البداية، لكن طالما انه على خطى من مسكني و يهرع كل ليلة لنجدتي دون إذن و يتلاشى حين تلتأم جروحي فهذا يعد بالكافي بالنسبة لي،وعدني بأن يطرب سمعي ليلة اكتمال القمر من كل شهر بأغنيتي المفضلة فهممت بمعناقته مجددا و كنت قد نسيت بأني لا أستطيع، فتعالت ضحكاتنا في الغرفة..حتا لمحت باب غرفتي الخشبي يفتح و إذا بها أمي اتت لتطمئن علي و تكتشف سبب ضحكاتي المتتالية .. لقد جلست بجانبي على السرير أما هو فبقي يحدق بنا في صمت كعادته إلى أن تلاشى في الظلام، أخبرتني بأن الحزن يمزقها عند رؤيتي هكذا.. اتحدث مع الحائط و أضحك دون داع لذالك …

Leave A Reply

Your email address will not be published.