اليقين.. بقلم/ فاطمة حسين إسماعيل

اليقين.. بقلم/ فاطمة حسين إسماعيل

0

اليقين.. بقلم/ فاطمة حسين إسماعيل

 

مخيفةٌ أكذوبة هذا العالم المتحضّر المدَّعي.
ودنيئةٌ ادعاءات العدالة من حولنا.
ومقيتةٌ شعارات الإنسانيّة والتحضّر المقنّعة.
وقد تجلَّى المشهد
حيث رحل من رحل.
ومن بقي أيضاً كان من الراحلين.
الراحلون بعيداً عن السعادة، التي حالت بينهم وبينها أميال ومسافات من الصدمات، الخيبات، والتخلِّي.
رحلوا إلى اللَّوعة والفَقد.
ومِنَ الراحلين أيضاً الطفولة التي فقدت الأبوين، وتبعثرت حطاماً في أرض اليتم الموحشة.
فأيُّ المٍ وأيُّ ندوبٍ وأيُّ حرقةٍ سترافقها في تحدياتها كل يومٍ بل في كل لحظة.
كل أثقال الدمار والركام تهاوت أحمالاً لا تطاق على كتفيها الصغيرين الهشّين.
فانهارت بكلِّها على ركبتي القهر وقد تغطت ملامحها الغضة بغبار الحرب الشاحب، وتلطخت أحلامها الندية البريئة بوحشية الدم النازف.
وهي من انتُشِلَت من بين أنقاض ٱحتضن يوما دفء عائلة مفقودة الأثر.
حيث ٱندثر تحتها الكثير من القصص والأحلام، الذكريات، والحكايات.
وتطايرات كل الأماني شظايا متناثرة في جسد كونٍ صامتٍ بارد.
وأنشب الطغاة براثنهم الجشعة في أمن الطفولة وٵمانها وسكينتها.
يا صغاري، قلبي يحترق وينفطر، وأنا أتخيل سنينكم العجاف التي لن يبللها مطر حنون.
ومواسم أيامكم التي لن يُزهر فيها لا الليمون ولا الزيتون..
ستزيدها دموعكم وحرمانكم قحطاً وجفافاً.
أبكيكم يا صغاري وقد أرهقتني قصصكم التي تخطت قدرة كل إنسان بضميرٍ حيّ علی الاستيعاب والتخيل.
راكمت صوركم الأحزان والآلام على صدري. وجعلَت سقف بيتي فوق رأسي ثقيلاً ثقيلاً وأنتم دون مأوى.
أرتجف من عبث الحروب وويلاتها، وظلم الجبابرة في زمن الخداع، وسحقهم للعدالة والانسانية بقذارة.

أيها السفهاء وقد سقطت أقنعتكم أمام العالم كلّه. اللعنة على كل تقدّمكم وحضارتكم. وحشيتكم المستشرسة زادت الأجيال وعياً. وألهبت وأشعلت في روحها نار غضب لن تطفأ. وشحنت فيها الهمم والإصرار على منازلة كل إجرامكم بكافة أشكاله مهما عظمت التحضيات.
وجعلتم يقينها الأبدي في كل زمان ومكان واليوم وفي هذا العالم المنافق الذي سادت فيه الخيانة والتواطؤ والخذلان، والظلم والجشع.
( يقيناً عطاء الدم ثمن الحرية ).

Leave A Reply

Your email address will not be published.