النفس البشرية ما بين الفجور والتقوى

النفس البشرية ما بين الفجور والتقوى

0

النفس البشرية ما بين الفجور والتقوى

بقلمي جمال القاضي

 

شتان بين أن تبحث عن المعصية وتفعلها ، وبين أن تكون مفرداتها حولك ولم تسعى لها ولم تفعلها

، لتبقى النفس البشرية دائما حسب الإيمان في اختيار مابين بين القدوم والحجوم عن فعل الذنوب وارتكاب المعاصي أو الإبتعاد عنها

وفي هذا الموضوع سنتحدث عن نوعين من البشر ، كل منهما يتمتع بصفات مختلفة عن الآخر ، الأول وهو الذي يطيع نفسه مهما كانت أوامرها ، والثاني هو الذي يعصيها ولايخضع لأهوائها حتى وأن كانت مفردات المعصية سهلة المنال أو تكون بجانبه فلايكلفه الأمر شيئا في فعلها والوصول لها .

دعونا نتحدث أولا عن النفس الأمارة بالسوء

 

هناك من البشر من يحمل بداخله نفساً أمارة بالسوء ، هذه ووسوساتها أقوى من الشيطان ووسوساته ، فصاحبها ضعيفاً ، يفعل ماتمليه عليه من أوامر ، ينساق بأوامرها لفعل المحرمات ، بل ويبحث عن مكانها ويذهب إليه ، وسوساتها مختلفة عن وسوسات الشيطان ، ربما قد يمل الشيطان من شخص فيتركه أحيانا لعدم طاعته له ، أو ربما كان تركه له لقوة حالة الإيمانية في وقت ما فراح يبتعد عنه ليعود إليه لاحقاً ، لكن دائما النفس الأمارة بالسوء تظل في حديث بينها وبين صاحبها ، حتى أنها تفكر في فتح سبلاً جديدة تمكن الشخص من رؤية كل الطرق المخفية والتي تساعده في الوصول إلى المعصية وبمعاونة الشيطان في ذلك ،

 

هذا الصنف الأول ينقسم إلى نوعين ، أولهما عاصي أو مذنب ، فخوفه من الله ضعيفاً بالمقارنة بخوفه من الناس ، ففعل ذنبه مرتبط برؤية الناس له ،أو بتواجدهم حوله ، فلو استشعر رؤية غيره له ، أمسك نفسه لقليل من الوقت عن فعل هذا الذنب ، وإن اختفوا عنه راح يكمل المعصية وفعل الذنب

أما النوع الثاني فهو الفاجر ، هذا النوع من البشر لايخاف الله وهو يفعل الذنب والمعصية ولايخشى رؤية الناس له حين يفعل الذنوب والمعاصي ، بل راح يجهر بها ويفتخر بفعلها أمام الناس ويتباهى بذلك ، وكأنه صنع شيئاً خارقاً ، فذنوبه معظمها كبائر وهذا قد سلم نفسه تماما لنفسه الأمارة بالسوء ، فيطيعها وقتما تأمره وأينما يكون أمرها ، فبات عقله وكله وجوارحه طوعا لأمرها .

 

النوع الأول قد يتوب حين يتعرض للإبتلاء ، لكن الثاني يستغرق وقتاً طويلا للرجوع والتوبة ، فالأول ذنبه كان لضعفه في عدم قدرته في كبح جموح شهواته فكان لضعفه طاعة نفسه في لحظات ضعفه

 

أما الثاني كان طاعته العمياء لنفسه نتيجة انتقام ، كان عصيانه بسبب تربيته ومؤثرات المجتمع عليه مثل المخدرات وإدمانها وغير ذلك ، فكان يرى الفجور ثأراً لنفسه فوقع طوعا في بئر المعصية دون أن يحاول الخروج منه رغم وجود سبلاً تساعده على ذلك .

وعن الصنف الثاني وهم المتقين

 

فهناك من البشر من لايبحث عن المعاصي أبداً ولايحاول فعلها ، فهو تربى تربية دينية صحيحة ، أرسخت في وجدانه وعقله مبادئ عظيمة وذات قيمة سامية ، تحمل في جوهرها كل تعاليم الدين ، خضع قديما منذ طفولته لتربية سليمة ، فوجد فيها هناك من يخبره عن كل شيء ، قائلا له من كان مسئولاً عن تربيته ، هذا حرام فلاتفعله ، وهذا يغضب الله فلاتقترب منه ، وهذا حلال ولاشيء يضرك في أن تفعله ، وهذا يكون ثوابه الجنة فأكثر من فعله ، وهذا يكون عقابه النار فابتعد عنه ، وساعده في ذلك كله القدوة الحسنة ممن كانوا يعلمونه أمور الدنيا والدين ، فكانت النتيجة أنه ابتعد عن المعصية وطريقها حتى وإن كان طريق الوصول إليها سهلاً ، فلا يحاول أبدا أن يسلك منه ، بل لو كان يخلو جو المعصية من مراقبة الغير له ، فهو يستحضر دائما مراقبة الله له ، وهذا كان من عظم الإيمان بالله سبحانه وتعالى .

 

وأخيرا :

علينا أن نربي أطفالنا من البداية على طاعة الله والخوف من عقابه ، وذلك بأسلوب يرغبهم في ذلك ، دون استخدام صيغة الأمر في ذلك ، بل بشكل يحببهم في كل مايقربهم إلى الله ويبعدهم عن هذه المعاصي ، ليكون المجتمع في النهاية مجتمعاً يراعي الله ، فلانرى مع ذلك مانراه من هذه الصنوف المختلفة للجرائم التي نراها في عصرنا ممن لايراقب الله وهو يرتكبها في حق نفسه وفي حق المجتمع .

Leave A Reply

Your email address will not be published.