الجزء الثاني من قصة أمنية
بقلم الكاتبة: مرام جبري
أوشكت أمنية أن تنهي مرحلتها الجامعيّة، متفوقة في دراستها،
لم ترسب أبدا طيلة مسيرتها الدّراسيّة حتّى أنّها الفتاة الوحيدة في العائلة التي بلغت الجامعة وأوشكت على أن تنهيها.
أمنية طالبة حقوق، منذ صغرها متشبّثة بالحلم والطّموح لتصبح محامية ماهرة في المستقبل ممّا يجعل العم مسعود يفتخر بها وينسى سنوات الشّقاء ومرارة الأيّام.
أن تعيش كامل حياتك وأنت تترعرع في الفقر المدقع، أن تحارب من أجل حلمك، تتناسى ليالي البرد القارس،
الملابس البالية، الحذاء الذي لا تملك غيره حتّى أنّه أصبح مهترئ لا يصلح للإستعمال وتكمل التحدّي من أجل الرّهان الذي وضعته ولا تتأثّر بالضغوطات بل تتّخذها حافز للنّجاح، هذا في حدّ ذاته إنجاز عظيم يحتسب لأمنية.
واليوم ننسى مرّ الأيّام المظلمة التي عشناها ولم يبق منها سوى الرّماد وبعض الذكريات الأليمة والتي حين نتذكرها نضحك على ما مضى لكنّها ضحكة تملأها غصّات في القلب وأوجاع حفرت داخلنا تنسكب كلّما فتحنا صندوق ذكريات الماضي.
كانت هذه الفتاة المتمرّدة الصّغيرة الّتي أغلقت هذا الصندوق وأكملت مراسم دفنه ثمّ أغلقته إلى الأبد.
في خضم كلّ هذا، تعرّفت أمنية على شابّ يدرس معها بالجامعة، لقد كان غريبا بعض الشيء بتصرّفاته وأفعاله الغير مفهومة، عمر يفوق أمنية بخمس سنوات، شاب من عائلة غنيّة يقطن بالعاصمة.
من منّا يستطيع أن يغلق الباب في وجه الحبّ، لقد وقعت المتمرّدة الصغيرة في حبّه وكان بالنّسبة بها النّور الذي سينتشلها من الظّلام المميت لتنسى بذلك مرارة ما تذوّقته في طفولتها.
قطنت مساكن الظّلام لسنوات عديدة لكن اليوم بكفّها الثاني طرفا لن تهون عليه مهما حدث.
قضّت أمنية سنة على علاقة مع عمر، رغم تعدد أخطائه وأفعاله المشينة إلاّ أنّها كانت تصلح عوره آملة أن يكون الخطأ الآخير.
عمر شاب سادي، في حقيقة الأمر هو لا يعرف معنى الحبّ حقّا إنّما يحبّ نفسه عبر أمنية، بالنّسبة له هي جسر عبور لشهواته لا أكثر.
لقد لعب القدر لعبته وإنقلبت الموازين رأسا على عقب وتحوّل الحب إلى لعبة وتعلّة لبلوغ الرّذيلة.
العاشر من نوفمبر ليلة سمّتها أمنية باليوم الأسود الذي لطّخ بقيّ أيامها،
ليلة باردة جدّا، إتّصل بها عمر على أمل أن يلتقيا ويتحدّثا قليلا، الوقت متأخر جدا،
رفضت في البداية لكنّه أقنعها أخيرا.
