قراءة في رواية البغدادلي لحنان الشيمي

قراءة في رواية البغدادلي لحنان الشيمي

0

قراءة في رواية البغدادلي لحنان الشيمي

بقلم/محمد أحمد محمود

 

اليوم ستكون معي أيها القارئ لنُبحر قليلاُ في رحاب رواية؛  أعدك بأنك ستستمتع بها، مثلما استمتعت أنا بها

البغدادلي

البغدادلي؛ رواية كتبتها الكاتبة حنان الشيمي في 427 صفحة

تم طباعتها في دار البشير للثقافة و العلوم

 

يتألق غلاف هذه الرواية بجمالية تعكس عمق القصة وتشوق القارئ لاستكشاف عوالمها. من خلال توازن متقن بين الألوان والتصميم،

يأسر العين ويشعرك بالحماس لفتح صفحاتها.

 

. عندما تهم عزيزي القارئ بقراءة رواية “البغدادلي”، و مع أول الكلمات ستشعر بأنك ما عدت قادراُ على تركها، فصفحات الرواية تبدو و كأنها تسبح معك و بك إلى حيث ما يعصف بذهنك، ستشعر و كأنك في رحلة مميزة في عمق أروقة الحياة ،

 

يَحارُ عقلك من قدرة الكاتبة على توليد الشخصيات و ترك الحرية كاملة لها، لتصنع أحداثها دون تدخل ،

فكل حدث يأخذ مساحته في الرواية بأريحية تجعل الأمر يبدو و كأنه من واقع حقيقي

 

تنسج الكاتبة خيوط قصتها بأسلوب يجمع بين الواقعية مع فهم لعمق دواخل النفس لكل شخص من شخوصها .

و بين خيال الكاتب الذي يملك القدرة على تصنيع ديكور كامل داخل خيالك

 

الغريب أنها لا تقبل بك مجرد قارئ، لكنها و دون أن تشعر أنت، تُشركك في الأحداث، فأنت مع معظم الشخصيات تجد نفسك أبعد من مجرد قارئ

و أقرب ما تكون لمشارك، تشاركهم مشاعرهم، تحزن معهم و تفرح معهم لا لهم، تحبس أنفاسك مع كل حدث و حتى كلمة تمت بحمد الله

و بعد قليل من الوقت تكون الكاتبة قد استولت ببراعة سهلها المُمتنع على عقلك تماما، و راحت تتحداك لو استطعت ترك الأحداث

أنت معها في شوق دائم لمعرفة ماذا حدث ؟

صوتك يُصبح صدى لصوت كل واحد من شخوص الرواية

ستسمع دائماُ صوتك و هو يتساءل ثم ماذا؟

أو ماذا بعد؟!!!

و لن تيهدأ إلاَّ مع الصفحة الأخيرة

 

تتقاطع في الرواية مجموعة من القضايا الاجتماعية والثقافية التي تميز حياة الصعيد، مثل التقاليد والعادات،

وتحولات المجتمع وتأثيرها على الأفراد والعائلات. وتنسج الكاتبة هذه العناصر ببراعة وواقعية، مما يجعل القارئ يشعر و كأنه يعيش تجارب

ومشاعر الشخصيات بكل تفاصيلها وتبايناتها دون أي ملل.

 

 البغدادلي “

ليست مجرد رواية، بل هي صورة واقعية تعكس تعقيدات حياة الصعيد بجمال قلما تتوقع حدوثه، حينما تروي الكاتبة بطريقتها المُميزة

قصة عائلة تتحدى الصعاب بشخصيات تم رسمها بعناية فائقة، بكل ما تحملة من خير الإنسان و شرورة

 

تستطيع أن تلمح ملامح الشر العاقل في البغدادي و الخير الرقيق في الشيخ شيخون و ستسمع صمت سندس

و هي تروي أوجاعها دون أن أن تنطق بحرف

 

سترى في يحيى؛ مستقبل يحاول أن يصنع لنفسه طريق و ستتدرج مع شخصيات شتى تجعلك تشعر و كأن الحقيقة لا يتم ليَّ عنقها؛

بل تظهر بطبيعتها رويداُ رويداُ دون تكلف

 

سترى روعة الحب في أبهى صوره مع جميلة، و يترائ لك مرتعشاُ في قلب هاجر

سترى في يامنة أم من أمهات الصعيد التي أرتضت و رضت بكل شئ

ستشهد للكاتبة بأنها قادرة في كل لحظة على صناعة شخوص ما كانت الرواية ستكتمل دونهم

كأنها تغزل برقة على أطراف خيالك، و تأخذك معها في عالم صُنع خصيصاُ من أجلك أنت أيها القارئ

 

ستشعر بتوتر دائم مع صالح و حُسنة

لكنك أيضاُ ستعيش رقة المشهد مع جميلة و يحيى

ستشعر بدفء البيت أحياناُ و تارة اخرى سترى في جوانبه الوحشة

ستسأل نفسك؛ هل الكاتبة تكتب عن قصة حقيقية علمت بتفاصيلها؟

أم أن خيالها اخترق الحد الفاصل بين الخيال و الواقع و رسم لنفسه مربع خاص جداُ مصنوع بأطراف أناملها و بعضاُ من حروفها؟

 

ببساطة. تقدم رواية “البغدادلي” للكاتبة الرائعة [حنان الشيمي] تجربة فريدة من نوعها حيث تخلق عوالم لا تُنسى تأسر القلوب

وتُحيي الخيال، هي تجربة سحرية تأخذك في رحلة عبر زمن ليس زمانك و مكان ليس مكانك، و مع ذلك ستترك في نفسك أثراً لا يُمحى

 

في النهاية، إنها رحلة مستمرة بين طيات الزمان، حيث يتلاقى الحاضر بالماضي، وتتشابك الذكريات مع الأفكار.

وفي هذا التضاريس الفلسفية، نبحث عن معنى لحياتنا، ونحاول فهم مكامن السعادة والحزن في طيات الذكريات والحاضر،

ربما لنجد نفسنا وسط هذا الحبكة المعقدة، مستشعرين جمال الحنين وقيمته في بناء هويتنا الشخصية.

 

في روايتها، سيتجلى أمامنا خياران: إما أن نبذل جهودنا لزرع بذور المحبة والتسامح،

أو

نسمح لنيران الكراهية بأن تلتهم كل ما هو حولنا.

 

ستهمس لك بحروفها بالحكمة العميقة التي تدعونا فيها إلى إعطاء كل ذي حق حقه،

إلى تقدير قيمة الآخرين واحترامهم بغض النظر عن اختلافاتنا

 

“تقدم جريدة النجم الوطني شكرها الكبير للكاتبة الرائعة حنان الشيمي، وتوصي بشدة بأن يكون هذا الكتاب جزءًا من مكتبة كل قارئ

يثق في قيمة آرائنا، فروايتها “يجب أن تكون بين يديك” تمنح السعادة التي شعرنا بها

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.