فتاة خجولة بقلم:حنان الشيمي

0

فتاة خجولة

بقلم:حنان الشيمي

 

احداهن خذلتني ومن يومها أنتظر خذلانا لا ريب فيه.
في طفولتي؛
كانت زميلة مقعدي فتاة خجولة، لا تتحدث إلا نادرا ولا تلعب معنا أبدا،

اقتربتُ منها
كانت رقيقة تتلعثم في الحديث
فحاولتُ التودد إليها .

وبصعوبة بدأتْ تتحدث معي وتحكي لي عن حياتها.
حين أقامت المدرسة مسابقة تقدمتُ إليها
وشجعتُ صديقتي على الالتحاق بها.

كانت مترددة خائفة،
رفضتْ بشدة في البداية لكنني كنت ألح عليها وأدفعها دفعا، حتى وافقت على مضض.

وجاءت نهائيات المسابقة وكانت التصفيات في الإدارة التعليمية بمدينة نصر و مدرستنا في حلمية الزيتون.
أبلغتنا المعلمة أنها ستصطحبنا معها وتعيدنا إلى المدرسة بعد انتهاء المسابقة.

وأرسلتْ خطابات إلى أولياء الأمور.
ثم ذهبت مع صديقتي ومعلمتي إلى المسابقة؛

تأخرنا كثيرا في التصفيات وتجاوزنا موعد العودة.

في رحلة الإياب تحدثتْ معنا المعلمة أنها تقطن في مدينة نصر وأن أولادها حان موعد عودتهم وأنها مضطرة للحاق بهم

كادت المعلمة أن تبكي وهي تطلب من سائق الحافلة ومن الركاب أن ينتبهوا للطريق ويقلونا حتى محطة حلمية الزيتون.

حجزتْ لنا مقعدين وأجلستنا وكلها أسف وحسرة على ما حدث لأنها ستتركنا.

شرحتْ لنا كثيرا حتى حفظنا: بمجرد نزولكم إلى محطة حلمية الزيتون سيروا في الشارع المقابل للترام عدة خطوات ستجدون المدرسة أمام البنزينة.

تصمت قليلا ثم تعيد الكلمات،
تنظر لدموعنا ثم تستحلف السائق والكمسري والركاب أن يهتموا بنا ولا ينسوا موعد محطتنا.
تركتنا المعلمة وما لبثت أن تمضي حتى انهارت صديقتي بكاء مُزج بهلع وخوف.

تلبستُ دور البطولة أمسكتُ بيدها وشددتُ عليها وأنا أنظر إلى عينيها :
لا تخافي أنا معك لن أتركك حتى تعودي لمنزلك.

سكنتْ الدموع في عينيها وأمسكتْ بيدي بشدة وكأنها الملاذ.
عيونها لا تحيد عني وإذا ما التفتتْ عادت سريعا لتستقر على وجهي وكأنني وجهتها التي تنشد،
وطوق نجاتها الذي تبتغي.

وبقدر ما كنتُ مذعورة خائفة بقدر ما رسمتُ القوة والجلد على وجه‍ي.
فما أصعب الاحساس ان تكون لأحدهم أملا.

وصلتْ الحافلة إلى ميدان حلمية الزيتون هبطنا وازداد تعلق صاحبتي وتشبثها بيدي
خطوة بعد خطوة وتراءى لنا مبنى المدرسة فبدأتْ صديقتي تترك يدي رويدا رويدا .

حتى لاح في الأفق طيف والدتها لتتركني وتترك يدي وتجري حيث والدتها
ومن دون كلمة واحدة مضت
حتى لم تلتفت لي.

أمسكتْ بيد والدتها وانطلقتا راحلتين
ليتركاني في فضاء خال من البشر
لم تنتبه حتى لوجودي

عدت إلى منزلي ذاك النهار مهزومة الروح مخذولة.

ومن يومها وأنا أمد يدي للجميع وأنتظر موعدا للخذلان لا ريب فيه
أهتم وأحب وأصل وأساعد ثم أُخذل فأمضي بهدوء.

لكنني تيقنتُ أن ما عند الله خيروأبقى.

وعلمتُ أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء،

وأنه كما تدين تدان

وإذا الحافظ لم يعرض فكل الخطوب عليك أمان ولو أفلتتك يد العالم كله.

Leave A Reply

Your email address will not be published.