بِرُّ الْوَالِدَيْنِ بَيْنَ التَعْرِيفْ وَالحُقُوقْ

0

بِرُّ الْوَالِدَيْنِ بَيْنَ التَعْرِيفْ وَالحُقُوقْ

 

بقلم : عبدالقادر خالد 

 

البِرُّ لغةً: بِرُّ بمعنى الخير، والجمع أبرار .. بِرُّ الوالدين (طاعة) الوالدين، والبر بالوالدين معناه طاعتهما وإظهار الحب والاحترام لهما، ومساعدتهما وهو الإحسان إليهما، وطاعتهما، وفعل الخيرات لهما، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعادلها منزلة، فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم، بكل وسيلة ممكنة بالجهد والمال، والحديث معهما بكل أدب وتقدير، والإنصات إليهما عندما يتحدثان، وعدم التضجر وإظهار الضيق منهما وقد دعا الإسلام إلى البر بالوالدين والإحسان إليهما وذكره بعد الأمر بعبادة الله تعالى.

 

بر الوالدين يُقصد به الإحسان إليهما بالقول والفعل والقلب والوفاء بجميع حقوقهم، وبذل كل ما في الإستطاعة وطاعتهم في كل الأمور المُباحة شرعًا، وفعل الخيرات لهما، كما أن البر يكون في حسن المعاملة للوالدين، كما يجب علينا أن ننفق عليهما وأن نَصِلهم بدون أي مقابل، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعادلها منزلة؛ فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم، ومن روائع الدين الإسلامي تمجيده للبر حتى صار يُعرف به؛ فقد حرم سبحانه وتعالى الإساءة إلى الوالدين أو أيذائهما.

 

إن عدم البر من كبائر الذنوب والمعاصي، والواجب على الأبناء قضاء حاجات الوالدين دون تأفف وتضجر ولا تُعد قسوة الوالدين من الأسباب الموجبة لعقوقهما؛ فإن عقوق الوالدين من الأسباب التي تؤدي إلى غضب الله سبحانه، واكتساب السيئات فضللاً عن العقوبات التي ينالها في الدنيا وعدم التوفيق الذي سيلاقيه في حياته، إذ أن العاق لوالديه يشعر بالهم والغم وضيق الرزق ويخسر الدنيا والأخرة على السواء، ولا يكون له قبول بين الناس وتغلق أبواب الدنيا كلها في وجهه، ولا تتيسر أموره .. فإحذروا العقوق التي تُعد من الكبائر التي لا يغفرها الله ولا يؤخرها.

 

آيات قرأنية وأحاديث نبوية تفرض وتحث على بر الوالدين ..

 

أمر الله عز وجل المسلمين ببرِ الوالدين، وجعل هذه العبادة من أعظم القربات إليه، وقد كتابه العزيز عديد الآيات القرأنية في هذا الأمر، ومنها:

(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)،

(وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)،

(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)،

 

وورد في السنة النبويةِ عددًا من الأحاديث النبوية التي تُبيِن فضل بر الوالدين، ومنها:

صح عن عبد الله بن مسعود حيث قال: “سَأَلْتُ النبيَّ ﷺ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي”،

قال رسول الله ﷺ “رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، وسخطُهُ في سخطِهما”،

قال رسول الله ﷺ “رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ”،

قال رسول الله ﷺ “الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو أحفظه”،

قال رسول الله ﷺ “ألا أحدثكم بأكبر الكبائر، قالو بلى يا رسول الله، قال “لا يرد القدرإلا الدعاء، ولا يزيد في العمر بركة إلا البر بالوالدين”

 

حقوق الوالدين:

 

أعلم أيها الإنسان أن بر الوالدين هو أقصى درجات الإحسان؛ فيدخل فيه جميع ما يجب من الرعاية والعناية بهما، فقد قرن الله حق الوالدين بعبادته، بيد أن للوالدين في الإسلام منزلة هامة وعالية وتتنوع هذه الحقوق لتغطي حاجة الوالدين وحقوق الوالدين كثيرة ومتنوعة ومتعددة وهي لا حصر لها، ولو قضينا العمر كله نوفي لهما حقهما لا ولن نُكفي، لكن هناك بعض الجوانب لابُد أن يكون لها الاولوية ومنها:

1. أن نرحم أبائنا في التعامل معهم وعدم التكبر والتجبر عليهم، وأن حق الوالد أعظم.

2. الحرص على التحدث مع الوالدين بوجه بشوش وليس بوجه عابس.

3. أن يُعطي الأبناء حبهم لأبائهم عندما يخدموهم وليس مكرهين.

4. تقديم الاحترام في السر والعلن.

5. تقديم العون والعناية ورفع التعب عنهم والاعتناء بهم في كل مراحل حياتهم.

6. عدم عصيانهم إذا الأمر أرتبط بكل الأشياء التي يرضاها الله، لكن لو الأمر لا يسمح فيه بطاعة الوالدين “هو عندما يكون في معصية الله” وما عدا ذلك فإن الطاعة واجبة على الأبناء نحو والديهم.

7. عندما يصل الأبناء إلى فئة عمرية معينة ويكون لهم قوت شهري أو راتب لابُد من أن يهتموا بالوالدين من الناحية المادية على الأقل ويجب أن يوفروا لهم المأكل والمشرب والمسكن والملبس وحتى لو كان الوالدين في حالة مادية جيدة فيجب على الأبناء أن يحاول عدة مرات لكي يدخل السرور إلى قلوبهم ببعض الأشياء المحببة لوالديهم (هكذا رأيت والدي يفعل مع جدتي رحمها الله).

 

كما توجد العديد من الأمور التي تُعين على بر الوالدين ومنها: سؤال الله تعالى الطلب في توفيقه ببر والديه والتعرف على الناس البارين بأبائهم، ومن أعظم استحضار فضائل بر الوالدين وعواقب عقوق الوالدين أن تشعر أن وجودهم ليس بدائم، وأنه سيأتي اليوم الذي يفقد فيه الإنسان أحد والدية أو كلاهما، ولا شك أن ذاك اليوم قادم عاجلاً أو أجلاً فهذه سنة الله في الخلق، ولا تضمن أن تُمسي أو تصبح فلا تراهم ثانية، فهل كلٌ منا جاهز لهذه اللحظة..؟،

 

الخاتمة:

في ختام القول أن رضا الوالدين هو أهم شيء في الدنيا بعد عبادة الله، فبر الوالدين هو باب من أبواب التوفيق في الدنيا ومفاتح من مفاتيح الجنة في الآخرة، ويجب على الأبناء أن يعلموا أن عقوق الوالدين في الدنيا سببًا عدم التوفيق، لهذا أحرصوا على هذا البر وسبب التوفيق وتيسير جميع شؤونك واستجابة دعاءك وزيادة بركة رزقك ونيل محبة الناس، لأن الأبن البار بوالديه يكون جدير بالثقة والمحبة بين الناس، وسببًا رئيسًا في رضا الله البرّ التواب.

Leave A Reply

Your email address will not be published.