أسرار ميم مجموعة قصص وخواطر للكاتبة:مها البساطي

0

أسرار ميم مجموعة قصص وخواطر

للكاتبة:مها البساطي

 

وبعد
أن وصلت لعامي الستين سأرضي جوعك يا صديق،

أعدك ببوحٍ ثمين سيمتلئ به روحك عن
آخرها حد الاختناق، أمسك عليك قلبك،

فرحلتي قاسية حد الشقاء، هذه قصتي حبيسة صدري

أمنحها لك بملء إرادتي،

انشرها كما شئت لم تُنقصها حرفٌ ولم تزد عليها حرفٌ، كن
نزيهًا يا صديقي كما عهدتك،

أخبر الناس بها ولكن بعد موت ذاك الجسد المُتعب،

فقد
ملَّ كفني الانتظار،

ربما تُعافي قلبًا أصابه سهم الندم أو تنفي الحماقة عن آخرين،

فالندم يقف أعلى نافذتي كل صباح يصيح لي كغرابٍ أسود عجوز يُشبهني يتلو ترانيم

القهر والعجز،

لا يتركني حتى أبكي بحرقة وبعدها أمسح عني دموعي بذكرى أول لقاء! من
له أن يُصدق أن أميرة القلوب أنا أميرُ قلبها وسيده،

 

من له أن يُصدق أنني في تلك
النقطة مركز الدائرة برفقتها تدور حولنا الكواكب والأقمار،

أنارت بدورها عتمة
سنوات مضت بدونها، إلا أن بعض صخورها لمسنا وأدمنا حتى الموت!
………..

 

كانت
تُخبئني في صندوق من الكرتون،

كلما خنقتها المواقف والكلمات جذبتني من شعري
الأرجواني وأجلستني على حافة الشباك تتحدث إلي،

صرت محشوة بهمومها بدلًا من القطن،

تملحت نسائجي من فرط دموعها،

كم شعرتُ بالألم من شخصية رسمتها على الورق وباتت
تحدثها وأهدتها اسمي،

 

صارت لها أقرب حتى أنها تركتني بعين واحدة،

بعد أن اقتلعتها
من وجهي بدم بارد ولا أعلم لماذا،

ألقت بي بقوة في مكان موحش،

بين سياجين من
الحديد على قارعة طريق طويل لا يُرى له بداية ولا نهاية
………

 

 

سالت
ذكرياتها دموعًا منهمرة تكسو وجهها الطفولي عندما امتزج عبيرها بعبير بعض الفتيات
المسلمات التي أحببنها كثيرًا وصرن يُقلدن مشيتها وابتسامتها من فيض حُسنها
وملاحتها،

 

لم يكن لديها ما تمنحه لهن سوى تعليمهن بعض الفنون القتالية التي أتت
بها من قصر أبيها،

 

يتأملها شهاب الدين من بعيد يفقد إثر رؤيتها حاستي السمع
والكلام،

 

يراقب في الخفاء تلك الحُفرتينِ على وجنتيها وذاك الثغر الوردي بابتسامته
الخجلة،

وما كان منها إلا أن تبيت ليلتها باكية تفتقد أبيها ومُرب جديتها،

إلا أنها
كانت سعيدة بصحبة فتيات المخيم،

 

صادقت منهن الكثيرات،

أضحت تتبادل معهن الأسرار
والذكريات،

تأكل معهن تتسامر تتعالى ضحكاتهن الحيية في المخيم حتى احتل روحها
وقلبها نوعًا فريدًا من الحُب،

يُرقرق قلبها ويُخضعه رُغمًا عنها وهو حُب صلاة
المسلمين وسماع القرآن،

وبمعنى أعم وأشمل حُب إسلاميتهم واستسلامهم لقدرٍ مكتوب،
فذاك الوجه الشاحب بات يضج حُمرة،

بدت السعادة تغمر محياها حتى ارتمى حب شهاب
الدين بين أحضانِ قلبها،
……………….=

 

هرج
ومرج وعويل الأطفال والنساء المرتعدة الحارة لم تذب ثلج قلوب جُند القشتاليين
الباردة،

المشاعر التي تسود في تلك اللحظة ما كانت إلا مشاعر البُغض والكُره،

مكفوفي العين والقلب سواء،

لم يتعرف قائد الحرس على صوفيا الذي لم تثنه صراخاتها
وتوسلاتها له، فظل يُلاحقها تارة بسيفه وتارة بأسهُمه،

يترنح جياده اعتراضًا، يرفع
قوائمه ويصهلّ لرب السماء

ويدعوه بلغته كما يلاحقها الخوف من المجهول حتى صارت
صوفيا في كنفِ درعها البشري الذي لا يُهزم وهو حبيبها وزوجها شهاب الدين الذي
حملها مسرعًا عندما طبعت دماء قدميها خشاش الأرض،

لم تهدأ نفوس الخراب عن الخراب
ولم تهنأ النُفوس الآمنة بأمن الهُدنة التي لم تدم طويلًا
؟………

 

 

والقُلوب
يا رب إذا ما كُسرت نوافذ الأمل فيها، وإذا ما تهدمت بها جدران الحياة وإذا ما
احتبست تحت حِطامها الأنفاس،

وإذا ما انهالت عليها أحجار اليأس،

كيف لنا ننجو إذا
رُجَّت بنا الأرض رجَّا، كيف لنا أن نكون إذا وقعت بنا الواقعة بغتة،

إذا خَدعنا
سُكون الليل، وإذا خانتنا وسائد الأمان؟

أعلم

 

أن لُطفك خفي لا نراه، وإنما تراهُ حكمتك!

 

 

” أسرار ميم ” للكاتبة المتألقة مها البساطي
في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55
أحدث الإصدارات 
عروض وهدايا
فقط في جناح دارنا دار كل العرب
صالة2 جناح A40
دار ديوان العرب للنشر والتوزيع

Leave A Reply

Your email address will not be published.