“مفاهيم الجمال و نظريات علم الجمال عند الفلاسفة” بقلم/ د. محمد مصطفى

0

“مفاهيم الجمال و نظريات علم الجمال عند الفلاسفة”

 

بقلم/ د. محمد مصطفى

 

      ارتبط علم الفلسفة بماهيَّة الإنسان و كونيته التي تجعلُ منه راغباً في المعرفة ، وكلمة فلسفة هي كلمةٌ يونانيةُ الأصلِ مشتَّقه من جزأين، (فيلو: والتي تعني المُحبٌّ)، و(سوفيا: التي تعني الحكمة)، أي إنَّها تعني المُحب للحكمة ، و قد كانت في البداية قائمةٌ على التفكير والبحث في أصل الوجود، والخالق، ومكوِّنات هذا الكون، لكن مدى تقبلها و فهمها لدى الاشخاص قد تغيَّرعلى مستوى الفكر لمحتوى تعريفها، وقد نجد ان هذا التغيير قد بدا من أيام سقراط حيث أصبحت الفلسفة مجلات بحثية من التفكير والبحث في ذات الإنسان، والإيمان بالخالق وإثبات وجوده عقلياً؛ و توجيه الاعتماد الكلى على كلٍّ من العقل والمنطق .

      كلمة الجمال أصلها يوناني، ويُقصد بها العلم المتعلِّق بالإحساس أو علم التعرّف على الأشياء من خلال الحواس، و قد ارتبطت فلسفة الجمال قديماَ بنظريّات الكون والإلهيّات ، إلا أنّها اقتربت من نظريات المعرفة والأخلاق عبرالخط التصاعدى للتاريخ و إن فلسفة الفن والجمال نشأت بنشوء الفلسفة مع فلاسفتها القدماء من اليونان، وهي لا تنفصل عنها ؛ إذ انها تستمدُّ أُصولها من المذاهب الفلسفية و قد تنوعت المذاهب و النظريات تبعا لاختلاف الفلاسفة فنجد , نظريات الجمال عند الفلاسفة الفيثاغورية في مفهوم الجمال: إن الفيثاغورية فلسفة تُفرِّق بين مستوى الوجود من جهة محتوى معقول الوجود، ومستوى الوجود المحسوس، وتقول بثنائيَّة النَّفس والجسم، ووضعت متقابلاتٍ عشرٍ، من الأمثلة عليها الخير والشر؛ بمفهوم صياغة الأفكار الفلسفيَّة بصيغةٍ رياضيةٍ , اما نظرية الجمال عند جورجياس فهى قائمةٌ على دور الجمال الفنّيِّ المؤثرِ على إحساس الإنسان؛ إذ تُقدّم الفنون للنفس البشريَّة لذّةً حسيَّةً؛ ذلك لأنّ فِكرتَه تستند على الوهم وتستقلّ عن الحقيقة ، وكان يقول باستحالة إثبات الوجود واللاوجود معاً؛ فانتهى من إنكاره للوجود إلى إنكاره للمعرفة بالحقيقة. اما نظريّة الجمال عند سقراط فانه لا يأبه بالجمال الحسّي بقدر اهتمامه بجمال النّفس والأخلاق؛ فالجمال لديه هو ما يُحقّق النفع والفائدة الأخلاقيِّة ويخدم الحياة الإنسانيّة، وهو يعتبر أمر ارتباط الجمال باللَّذة الحسية كما في نظرية جورجياس انحلالاً خُلقياً وتدهوراً فنياً؛ فالحُكم على الجمال مرجعه الذات العاقلة والضمير الباطن , اما نظريّة الجمال عند أفلاطون: يمكن اختصار الجمال لدى أفلاطون بأنه ربطهُ بالحُبِّ الإلهيِّ، ذلك لأنّ موضوع الحب هو الجمال بالذات، ويرى أنّ الفنون تأخذ جمالها من محاكاتها للطبيعة، وإن كانت هذه المحاكاة ناقصةً باعتبارها محاولةُ وصولٍ إلى العالم المثاليِّ. 

نظرية الجمال وصلته بالخير عند سقراط

      جاء سقراط بوضع الشروط الأساسية لنظريتة إلايجابية حيث أن الفن سواء ما كان منه فناً جميلاً اصيلا أو فناً محاكيا مصطنعا فانه فى كلتا الحالتين له وظيفة تخدم الحياة الانسانية، وبمعنى أدق الحياة الأخلاقية , أما الجمال فقد صنفه من جهة الجمال الهادف، إذ أن الجمال هو ما يحقق النفع أو الفائدة أو الغاية الأ خلافية العليا. غير أن سقراط لا يأبه بالجمال الحسى الذى يتغنى به فنانو عصره وشعراؤه قدر اهتمامه بجمال النفس والخلق الفاضل , و قد التزم بالاتجاه إلى تحكيم العقل فى السلوك الإنسانى والتمسك بأخلاقية الزهاد، الامر الذى جعله يحكم على الفن بمعيارأخلاقى ذو مرجعية تتعلق بالذات العاقلة أو الضمير الباطن فى نفوس البشر , و ان معايير اللذة الجمالية التى فصلت بين الجمال وقيم الحق والخير فلم تكن فى رأى سقراط سوى نوعاً من أنواع التدهور الفنى والانحلال الخلقى، فالمعيار الحسى المرتبط بنظرية اللذة الجمالية كلها عند جورجياس فى رأى سقراط لا تكفى لخلق الفن الأصيل، وتفتقد العنصر الجمالى الذى تنطوى عليه أخلاقية الإنسان

 

الفلسفة والفن عند أفلاطون

      كان لافلاطون نقدة الفنى و أراؤة الخاصة بشروط الجمال الفنى و قد حارب خداع الحواس فى فن النحت و التصوير و طالب بالمحافظة على النسب الصحيحة والمقايس الهندسية المثالية و رأى أن اللاعقلانية وسيلة من وسائل العالم الالهى الذى توجد بة الحقيقة حيث انه أنصرف عن الواقع المحسوس و أشتد تعلقا بعالم يتحقق فية الخير و الحق و الجمال و حاول تفسير الحب على انه هو الدافع المحرك للفيلسوف نحو الحق كما هو محرك للفنان نحو الجمال و بالنسبة للفن و محاكاة الجمال عند أفلاطون , فقد وصف الفيلسوف أنة يحاكى و الخطيب و الشاعر و الفنان كل منهم يحاكى و لكن ما حقيقة المحاكاة عند كل من هؤلاء , فهناك محاكاة تعتمد على المعرفة و يصحبها الصدق وهناك محاكاة لا تصحبها معرفه وثيقة بحقيقة الاصل الذى تحاكية وانما هى نقل ألى يعتمد على التسوية ويخلو من الحق والجمال على السواء .

الفلسفة و الفن عند أرسطو

      يذهب أرسطو () إلى القول بأن الإنسان زودته الطبيعة باليد أقوى الأسلحة يستطيع أن ينتج بها من الفنون المختلفة، فاليد هى الأداة التى تخلق غيرها من الأدوات وبها يصنع الإنسان ما شاء من فنون و يرى أن الفن لا يعرف بأنه محاكاة للجمال بقدر ما يكون محاكاه جميلة لأى موضوع حتى لو كان مؤلماً وحدد اللذة الجمالية المتولدة عن التراجيديا فى انها هى الانفعال الناتج عن تذوق الفنون و قد فرق أرسطو بين النقد الاخلاقى الذى يوظف الفن لخدمة الغايات الاخلاقية و التأمل الفلسفى وبين النقد الجمالى الذى يقيم الفن بما يحققة من أشباع للبهجة الجمالية و قد نجح فى تحقيق التوازن فى تأكيد الجانب التربوى فى الفن كما قام بالاحتفاء بالتنمية التذوق الجمالى كعامل أساسى فى تربية المواطن و تكوينة التكوين اللائق بالانسان.

Leave A Reply

Your email address will not be published.