اليوم الذي مرج نصفيّ الحياة…بقلم / ولاء فرج أسعد

0

 

اليوم الذي مرج نصفيّ الحياة…بقلم / ولاء فرج أسعد

 

نعيش في الدنيا و نمر في السبل و الفجاج. و نتوقف في محطات الحياة و نتعلم. لن يسمح لك بالمرور منها إلا و قد تعلمت درسًا قاسيًا واحدًا على الأقل. فقد صدق من أسماها “مدرسة الحياة”. ففيها نسعى و نكد و نلهو و نلعب. ثم نسقط و ننهض لنمتحن. و على قدر استيعابنا و فهمنا لما تعرضنا له من تجارب، إما ننجح و نعبر للمحطة التالية. و إما نمكث في مكاننا حتى ندرك و نفهم الدرس جيدًا.

 

و تتوالى الدروب و المحطات، و تصعب أحيانًا و تمهَّد أحيانًا.

 

أدوارنا

 

مما لا شك فيه، أن كل إنسان على وجه الأرض يقوم بأكثر من دور في آن واحد. فقد نكون آباء و أبناء و أخوات و أزواج و رؤساء و مرؤوسين في آن واحد. و مع ذلك، فنحن مطالبون بأن نتقن كل دور على أكمل وجه؛ حتى تستقم الحياة. فكلكم راعٍ و كلكم مسئول عن رعيته.

 

بما أننا عشنا في بيوت آبائنا لسنوات عدة، و كنا نظن أننا سوف نبقى صغارًا مدى الحياة. فإذا بنا نترك ذلك العش أو القفص الذهبي و ننطلق في مناحِي الحياة مع أزواج و زوجات يبدوا و كأنهم غرباء، ليس بيننا و بينهم صلة قرابة ولا ذكريات. ثم نفاجأ بأنهم هم الأقرباء الجدد الذين ربطت بيننا و بينهم صلة روحية مقدسة من رب العالمين. و أصبحت الذكريات تبنى و تخلد في عيون الكائنات الصغيرة التي تنمو يومًا بعد يوم في أرحامنا و بيوتنا. فالزمن يسري في ثنايا ضحكاتهم و بكائهم و صرخاتهم.

 

اليوم الذي مرج نصفي الحياة.

 

و يمضي العمر و تمر الأيام، و يأتي اليوم الذي تتساوى فيه سنوات مكثناها في بيوت أمهاتنا و الأخرى التي عشناها في بيوت أزواجنا. و نتوقف للحظات و نسأل أنفسنا، هل فرط عقد الحياة من بين أيدينا؟ و متى زحفت بنا السنون حتى وصلنا لهذه المحطة؟ و أي قطار هذا الذي لم يتوقف بالرغم من العثرات و الذلل القادرة عن جدارة أن توقفه في أي وقت و حين؟

 

إنه الله، سبحانه و تعالى، من فكر و دبر و يسر. هو من خلق النكاح و قننه ثم وضع سر نجاحه و استمراريته. قال تعالى: [وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً] (سورة الروم: الآية 21). فالمودة هي شعور بالانسجام بين شخصين أو أكثر ينبع من الاحتكاك الاجتماعي والعاطفي الدائم. بمعنى آخر، فهو الحب الذي ينمو و يكبر يومًا بعد يوم، بشرط ريِّه و سقيه بالرحمة التي ترقق القلوب و تجعل الحزن سهلا.

 

دعونا نجعل بيوتنا ملأى بالرحمة و التغاضي، فالسفينة لن تصل إلى بر الأمان إذا قرر ربانها إنهاء الرحلة في منتصف الطريق. فلا السفينة بركابها ترسو ولا الربان ينجو.

Leave A Reply

Your email address will not be published.