لماذا أصبح الكون بارداً؟!

لماذا أصبح الكون بارداً؟!

0

لماذا أصبح الكون بارداً؟!

بقلم/محمد أحمد محمود

 

 

لم تعد تلك البسمة التي تنير القلوب، أو تلك الكلمات التي تداوي الجراح، بل غاب الحب والإخاء، وانعدمت مشاعر الرحمة والرأفة في كون أصبح يئن من برودته وجفافه

لم يعد الإنسان كائنًا إنسانيًا، بل مجرد صورة باهتة فاقدة لكل ما يميزها. صار القتل أمرًا اعتياديًا لم يعد فيه احترام للحياة، وصارت الدماء تنهمر كالمطر بلا رحمة ولا شفقة.

يئن الضحايا بصمت ويموتون بصمت، فلم يعد هناك ما يستحق الاهتمام سوى مصالح القلة القابضة على زمام الأمور. صار الموت كالزهرة التي تتفتح في كل صباح لتزين شوارعنا، وصار الدم هو اللون الأبرز في لوحات الحياة

ما الذي جعلنا كذلك؟ ما الذي حوّل قلوب البشر إلى حجر؟ هل المصالح الاقتصادية والسياسية أهم من حياة البشر وكرامتهم؟ لماذا لم نعد نتألم لآلام الآخرين؟

لطالما تخيلت الكون كحديقة ساحرة، مليئة بالألوان والأشكال والأصوات المبهجة. تتسابق فيها الأزهار الجميلة نحو أشعة الشمس الدافئة، بينما ترفرف الفراشات من وردة لأخرى.

كنت أتخيل الناس هناك مثل تلك الأزهار والفراشات، ينعمون بالسلام والمحبة. لا يشغل بالهم سوى كيفية استغلال طاقتهم ومواهبهم في سبيل التقدم ورفعة بني البشر.

لكني اليوم أجد نفسي أمام حقيقة مريرة، حين تحولت تلك الحديقة الجميلة

 إلى أرض قاحلة باردة!

فبدل الأزهار، صارت الأشواك الحادة هي السائدة، تمزق القلوب كما تمزق الأيدي. وبدل رذاذ الفراشات، صار رذاذ الدماء هو المألوف على وجه هذا الكون الكئيب.

ما الذي حدث؟ متى فقدنا إنسانيتنا؟ متى تحولنا إلى وحوش قاسية، تتقاتل على المصالح وتسفك الدماء بلا رحمة ولا شفقة؟

إن ما يُحزن حقًا، هو رؤية هذا التغير المؤلم لذي طرأ على مجتمعاتنا. فبعد أن كان الإنسان يُقدَّر لمجرد إنسانيته، صارت القيمة الآن مرتبطة بالماديات والسلطة. وكل من خالف التيار صار مستباح الدم والمال والعرض.

هل كنا مخدوعين طوال الوقت؟ هل كانت تلك الحديقة الجميلة مجرد سراب في صحراء قاحلة؟

أم ما زال هناك أمل؟ هل ما زال بالإمكان إنقاذ ما تبقى من إنسانيتنا وترميم

علاقتنا المتهالكة مع بعضنا البعض؟

هل من مُنقذ يمد يد العون؟.

Leave A Reply

Your email address will not be published.