حقيقة السامية     .بقلم/د. بلال محمد على ماهر

حقيقة السامية     .بقلم/د. بلال محمد على ماهر

0
حقيقة السامية     .بقلم/د. بلال محمد على ماهر
السامية والساميون مصطلح متعدد المعانى متنوع المفاهيم اللغوية والدينية والسياسية، ويعد أساس العنصرية العرقية والصهيونية العالمية. وأصل كلمة سامى وسامية فى اللغة العربية مشتق من السمو والارتقاء والرفعة، والساميون هم خاصة الناس المتميزين عن سائر البشر فى كل زمان ومكان. والسامية الحقيقية فى الإسلام التى أرادها الله للناس كافة تتجلى فى آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، والسنة النبوية المطهرة التى تدعوا جميعها للرحمة والتراحم، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والمساواة فى جميع الحقوق والواجبات بين سائر البشر، وأكرم الناس أنفعهم للناس وأحسنهم خلقًا، وأفضلهم أتقاهم دينًا، وأصلحهم عملًا. والسامية الحقيقية هى أمة محمد خاتم النبيين والمرسلين الذى آمن بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا يفرقون بين أحد من رسله.
والسامية والساميون مصطلح سياسى عنصرى مبتكر مع الحداثة وهو خرافة أسطورية وبدعة زائفة، وقد لاقى استحسانًا وقبولًا لدى كثير من المستشرقين المغرضين الذين استخدموه ونسبوه إلى نبى الله سام (عليه السلام) وهو أحد أبناء نبى الله نوح (عليه السلام) دون غيره من أبنائه وذريته، ودون غيره من سائر الأنبياء والمرسلين، ودون جميع البشر فى كل مكان على مر الزمان. وقد شاع هذا المصطلح بين المهتمين بالحضارات القديمة دون سند تاريخى، والمتخصصين فى اللغات السامية دون برهان علمى، والباحثين فى تاريخ الأديان دون حجة دينية. وقد أنكر هذا المصطلح (شكلًا ومضمونًا) عديد من العلماء المرموقين فى الغرب والشرق، كعلماء العقيدة، والمتخصصين فى تاريخ الحضارات القديمة، والدراسات الإنسانية، واللغات السامية، والمؤرخين، والباحثين، والأكاديميين، والكتاب، والفلاسفة، والمفكرين.
أما البدعة الدينية لهذا المصطلح الزائف فقد جاءت مع ما ورد فى بعض أسفار العهد القديم المحرفة، وفى بعض نصوص التلمود الوضعى المبتكر، فبدلًا من أن يُدْعى الله باسم رب العالمين يُدعى أنه إله أبو اليهود إبراهيم (عليه السلام)، وإله أنبياء بنى إسرائيل (شعب الله المختار): إسحاق، ويعقوب (عليهما السلام) وذريتهما، دون غيرهما من الأنبياء والرسل، وتعمدوا تجاهل نبى الله إسماعيل (عليه السلام) وذريته من نسل نبى الله إبراهيم (عليه السلام)، وأنكروا نبوة المسيح (عليه السلام) ورسالة الإنجيل، كما أنكروا نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) ورسالة القرآن الكريم. وكما يقول الكاتب الإسلامى/ محمد على ماهر فى كتابه الدرامى «المسيح عليه السلام» “ادعى كهنة إسرائيل وأحبار صهيون أن الله هو إله بنى إسرائيل وحدهم محتكرى الكتب والنبوات، خيرًا لهم وشرًا لسائر الشعوب والأمم، وزعموا أن ملكوت السماوات يفتح لشعب الله المختار وحدهم، ولا يفتح للأشتات والأجناس والغرباء من سائر الأمم والشعوب”. وبذلك جعل اليهود المُحرفون، والصهاينة العنصريون من الله إلهًا متحيزًا يختص بعبادته بنى إسرائيل، مما يتناقض مع جوهر الإسلام، ودعوة الأنبياء إلى المساواة بين جميع الناس فى كل زمان ومكان.
وبالرغم من تأكيد زيف هذا المصطلح الوهمى، ومع تصاعد الاحتجاجات والتظاهرات فى بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية (وعلى وجه الخصوص الجامعات الأمريكية المرموقة الواعية) ضد الحرب الإسرائلية المدمرة لقطاع غزة والمناطق الفلسطينية، والمطالبات بفرض عقوبات رادعة على دولة إسرائيل المحتلة بسبب ما وصفه المتظاهرون «بأعمال الإبادة الجماعية» التى يمارسها جيش الاحتلال المدجج بأسلحة أمريكية وأوربية فتاكة، ومتفجرات مروعة، قرر مجلس النواب الأمريكى (الكونجرس) تبني قانون لحظر معاداة السامية، وسط جدال عاصف من الأعضاء، ويهدف هذا القانون إلى التوسع فى التعريف بالسامية (الزائفة) وحمايتها.
وخلاصة القول نحن أمام خطأ جسيم شائع ومفهوم وهمى ـــبعمد أو غير عمدـــيتمثل فى استخدام مصطلح «السامية» الزائف، وما يشتق منه مثل «الساميون»، و«معاداة السامية» الأجوف حتى أصبح هذا المصطلح سيفًا مُسَلطًا على رقاب البلاد والعباد فى جميع دول العالم لإخضاعها وامتثالها لما تريده الصهيونية العالمية الجائرة ودعاة خرافة السامية المزعومة، وعلى وجه الخصوص العالم الإسلامى، والدول العربية، والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلى فى جميع ربوع دولة فلسطين العربية المجاهدة، والتى دفعت ومازالت تدفع ثمنًا باهظًا نتيجة المجازر الوحشية الدموية، وتدمير البنية التحتية والفوقية لقطاع غزة والمناطق الفلسطينية، والإبادات الجماعية للشعب العربى الفلسطينى المؤمن المسالم المطالب بأرضه ودولته، وحقه فى تقرير مصيره. وبالرغم من ذلك كله مازال الموقف المعادى للكيان الصهيونى الجائر، والمقاومة االفلسطينية الباسلة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلى الغاشم للأراضى الفلسطينية يُنعت بمعاداة السامية.
Leave A Reply

Your email address will not be published.