ماذا لو اختفت الدموع من حياتنا؟

ماذا لو اختفت الدموع من حياتنا؟

0

ماذا لو اختفت الدموع من حياتنا؟

بقلم/محمد أحمد محمود

 

هل يمكن أن أسأل:

ماذا لو اختفت الدموع من حياتنا؟

لو تصورنا عيون البشر و قد خلت من هذا السائل الشفاف الذي يعكس مشاعرهم في أبهى تجلياتها،

ماذا يمكن أن يعني ذلك؟

 

الدموع

تلك الحبات الماسية التي تتدفق من أعيننا، هي ألوان الحياة التي تزيّن ملامح الإنسان.

هي لغة لا تحتاج إلى ترجمة، رسائل صامتة تنقل مشاعرنا بوضوح لا يمكن للغة أن تبلغه.

 

تخيل أن تختفي هذه اللغة، أن يصبح العالم خالياً من تلك اللحظات التي تنهمر فيها الدموع

فتسقط كالندى على الوجوه، تروي قصص الحزن والفرح والألم.

 

إذا اختفت الدموع، فإننا نكون كمن يعيش في عالم مقفر من الألوان

حيث تُجرد المشاعر من قدرتها على التعبير العميق.

سيكون الوجود وكأنه يفتقر إلى الأمواج التي تلامس شواطئ الروح، فتنعشها وتنقيها.

 

لن يكون هناك وقتها لحن الموسيقى الحزين الذي يهز أعماق القلب، ولا أفراح تتسلل برقة إلى النفس

بل تتجمد مشاعرنا في صقيع من البرود العاطفي.

 

الدموع ليست مجرد تعبير عن الحزن، بل هي أيضاً دواء للروح، وسيلة للتنفيس عن الألم وإزالة توتر الحياة.

هي تلك الكلمة الصامتة التي تعبر عن أعمق معاني الإنسانية، تتسلل إلى أعماق القلب

فتخفف من وطأة الحزن وتمنح الراحة للنفس.

 

في عالم بلا دموع، لن نعرف كيف نداوي جروحنا، كيف نواجه همومنا بأقل قدر من الألم.

ستكون الأوجاع أكثر مرارة، والأحزان أكثر عمقاً، لا نجد لها متنفساً.

 

على الجانب الآخر، لا يمكن تجاهل أن الدموع تُمثل أيضاً لحظات الفرح الطاغية

حيث تنهمر كعاصفة من النعيم، فتجعل القلب يرقص في سعادة غير محدودة

في غياب هذه اللحظات، سيكون الفرح جافاً كفنجان قهوة بارد، خالياً من ذلك النقاء الذي تمنحه الدموع.

 

تعبر الدموع عن نقاء القلب وحساسيته، فكل دمعة هي همسة من أعماق الروح تتحدث عن تجربة إنسانية خالصة.

هي لحظات من الصدق والشفافية التي تنكشف فيها جوانبنا الأكثر ضعفاً وقوة. في عالم تخلو فيه الحياة من هذه اللمسات الرقيقة

قد نفقد الاتصال بجوهر إنسانيتنا.

 

سيصبح التواصل بين الأرواح أكثر صعوبة، وتصبح العلاقات أكثر جفافاً

إذ تُحرم من تلك اللحظات التي تنكسر فيها الحواجز وتلتقي القلوب بصدق.

 

لو اختفت الدموع، فسنجد أنفسنا في مواجهة اختبار كبير لإنسانيتنا

سنحتاج إلى إيجاد طرق جديدة للتعبير عن أحاسيسنا، وسنبحث عن طرق أخرى لمشاركة الألم والفرح.

سيكون العالم بحاجة إلى تجديد تلك اللغة الصامتة التي تربط بين الأرواح، وتخلق روابط من التعاطف والتفهم.

 

في النهاية

الدموع ليست مجرد سائل يتدفق من العيون، بل هي انعكاس لحياة مليئة بالتجارب والمشاعر التي تجعلنا بشر.

هي جزء من الحكاية الإنسانية التي تمنحنا القدرة على الشعور والاتصال

Leave A Reply

Your email address will not be published.