هل تسمح لي أيها القارئ أن أقول لك بأنني تعبت؟

هل تسمح لي أيها القارئ أن أقول لك بأنني تعبت؟

0

هل تسمح لي أيها القارئ أن أقول لك بأنني تعبت؟

بقلم/محمد أحمد محمود

في هذا المساء الهادئ، حيث تنساب نغمات الليل بلطف عبر النوافذ، يلفني شعور بالإنهاك لا يشبه أي شيء آخر.

إنه ليس بالتعب الجسدي الذي يزول بالراحة، بل هو إرهاق الروح،

تعب من نوع آخر، يجعلني أشعر وكأنني أتحرك في دوامة لا تنتهي.

أسمع صوت الأفكار تتردد في عقلي بلا هوادة، تسألني عن معاني الحياة، عن الغايات والأهداف

وعن ذلك الحلم الذي كنت أحمله بين ضلوعي

كان حلمًا براقًا، مليئًا بالألوان والأمل، لكن مع مرور الوقت، تلاشت ألوانه وبقيت منه ظلال باهتة فقط.

 

تعبت من محاولة مواكبة التوقعات التي لا تنتهي، من الأمل الذي يتلاشى مع كل صباح جديد.

تعبت من ابتسامتي التي تدغي بأنني قوي، بينما أنا منهار من الداخل

 

إن العالم لا يرحم، ونحن مطالبون دائمًا بالاستمرار، بالمضي قدمًا رغم كل شيء، حتى عندما يكون قلبنا يئن من الألم.

 

أيتها الحياة

هل تسمحين لي ببعض الهدوء؟

ببعض اللحظات التي أستطيع فيها أن أتوقف عن الركض، أن ألتقط أنفاسي وأتأمل السماء بدون أن أشعر بضغط الزمن؟

 

أيها القارئ الكريم

أنا لا أطلب منك شيئًا، سوى أن تسمح لي بالاعتراف بأنني تعبت

تعبت من الحياة التي تتحول إلى سباق دائم

تعبت من البحث عن السعادة في أماكن لا تنتمي إليها

أحتاج إلى بعض الراحة، إلى بعض السلام الداخلي، إلى لحظة صادقة مع نفسي.

 

لعل هذا الاعتراف ليس ضعفًا، بل هو جزء من إنسانيتنا. نحن بشر، ولسنا آلات

ومن حقنا أن نتعب، أن نشعر بالإنهاك، وأن نبحث عن طوق نجاة في بحر الحياة المتلاطم.

 

في النهاية

أقول لك أيها القارئ، ربما نحن جميعًا نشترك في هذا الشعور، في هذا التعب الذي ينهك أرواحنا

فلنكن لطفاء مع أنفسنا، ولنعطها الحق في الراحة، لعلنا نجد في نهاية الطريق ذلك الضوء الذي نبحث عنه.

 

أعلم بأن

لكل منا قصته الخاصة في هذا العالم، ولكل قصة تفاصيلها وأوجاعها

بعضنا ينهض كل صباح ليواجه تحديات العمل

والبعض الآخر يصارع لتوازن حياته الأسرية

هناك من يعيش في دوامة العزلة والوحدة

وهناك من يواجه الفقدان والألم

لكننا في النهاية، يجمعنا هذا الشعور المشترك بالإرهاق.

 

كم مرة نظرت إلى المرآة ورأيت فيها وجهًا منهكًا

عينان تبحثان عن الراحة والسكينة؟

كم مرة تظاهرت بأن كل شيء على ما يرام بينما قلبك ينزف من الداخل؟

 

نحن نعيش في عالم أصبح يعج بالضوضاء، بالإشارات المتضاربة، بالتوقعات التي لا ترحم

وكلما حاولنا المضي قدمًا، نجد أنفسنا أكثر بعدًا عن الراحة التي نبحث عنها.

 

هل نتوقف عن السعي؟

هل نستسلم للتعب؟

بالتأكيد لا. ولكن يجب أن نمنح أنفسنا بعض اللحظات لنكون صادقين مع ذواتنا

أن نعترف بأننا بحاجة إلى الراحة، إلى إعادة شحن طاقاتنا

لعلنا نجد في هذه الصراحة مع الذات فرصة للتجدد

للبحث عن طرق جديدة تحقق لنا السلام الداخلي.

 

أيها القارئ العزيز

لا بأس بأن تشعر بالتعب

لا بأس بأن تعترف بذلك

إن الحياة ليست سباقًا يجب أن نفوز به دائمًا

أحيانًا، يكمن الجمال في تلك اللحظات التي نتوقف فيها لنتأمل

لنبحث عن العمق والهدوء وسط صخب العالم

فلنمنح أنفسنا هذا الحق، ولنعثر معًا على ذلك النور الذي يقودنا نحو الراحة والسلام.

 

في الختام

أتمنى لك أيها القارئ العزيز أن تجد في هذه الكلمات بعض العزاء

أن تشعر بأنك لست وحدك في هذا الشعور

دعنا نتشارك هذا الاعتراف

ولنكن لطفاء مع أنفسنا،

فلعلنا نجد في نهاية الطريق ذلك الأمل الذي طالما بحثنا عنه.

Leave A Reply

Your email address will not be published.