ثقافة الاعتذار     .بقلم/محمد أحمد محمود

ثقافة الاعتذار     .بقلم/محمد أحمد محمود

0

ثقافة الاعتذار     .بقلم/محمد أحمد محمود

 

مع كل هذا الصخب الذي صبغ عالمنا بالكثير الكثير من الزيف

 يبقى الاعتذار جوهرة نادرة تتلألأ بريقًا في ظلام العلاقات الإنسانية

 

 الاعتذار ليس مجرد كلمات تُنثر كرماد الرياح

بل هو فنٌّ راقٍ يتحدث عن عمق الروح ونبل الأخلاق.

 

الاعتذار هو الخيط الذهبي الذي يربط القلوب المتنافرة

كأنه يعيد صياغة ما تحطم ويجبر ما تصدع

 إنه الاعتراف بالزلل وتحمل المسؤولية

 والشجاعة التي تدفع الإنسان للاعتراف بضعفه وهشاشته

 

في لحظة الاعتذار، يتخلى المرء عن غروره ويكشف عن روحه

بكل صفاء ووضوح.

 

تخيل عالماً تتألق فيه لغة الاعتذار كالنجوم في سماء صافية

حيث يتقن كل فرد هذا الفن ويدرك أبعاده. كيف كانت ستبدو علاقاتنا؟

 

 ربما كانت الخلافات أقل حدة، والقلوب المجروحة أقل عدداً

 ربما كانت النفوس أكثر قرباً والأرواح أكثر انسجاماً مع ذاتها ومع الآخرين.

 

لكن، ثقافة الاعتذار تتطلب منا أكثر من مجرد لفظ “آسف”

 إنها تستدعي إدراك الألم الذي خلفه الخطأ، واستيعاب مشاعر الآخرين، والسعي الجاد نحو تصحيح الأمور

 

 الاعتذار الحقيقي هو الذي يعقبه تحولٌ في السلوك

هو العهد الضمني بعدم تكرار الخطأ

هو الندم الصادق والرغبة الملحة في الإصلاح.

 

 

في كثير من الأحيان، يُنظر إلى الاعتذار على أنه علامة ضعف

لكنه في الحقيقة قوة خفية

قوة يعكس نضج الفرد وثقته بنفسه، ووعيه بأن الاعتراف بالخطأ لا ينقص من قدره بل يرفع من شأنه في أعين الآخرين.

 

 إن الشخص الذي يعتذر هو شخصٌ يُثمن العلاقات و يعتبرها أولى من كبريائه، ويضع السلام والاحترام فوق كل اعتبار.

 

ثقافة الاعتذار تبدأ من المنزل، من الأسرة التي تزرع في أفرادها قيمة الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه. ثم تنتقل إلى المدارس، حيث يُحفّز الأطفال على ممارسة هذا الفن يوميًا. وفي المجتمع، يُعتبر الاعتذار سلوكًا حضاريًا يعكس مدى تطور ورقي هذا المجتمع.

 

لنعزز ثقافة الاعتذار في حياتنا، لنُعلّمها لأبنائنا، ولنكن قدوة في ممارستها. فلنكن نحن الجسر الذي يعيد وصل ما انقطع، واليد التي تصافح بصدق، والكلمة التي تداوي الجروح. بالاعتذار، لنصنع عالمًا أجمل، ونبني علاقاتٍ أعمق وأصدق.

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.