من أجلك يا طعمية     بقلم الرحالة/مصطفى فاروق

من أجلك يا طعمية     بقلم الرحالة/مصطفى فاروق

0
من أجلك يا طعمية     بقلم الرحالة/مصطفى فاروق
نعم هو ذلك القرص المقلي في الزيت ويزينه السمسم واختلف في محتواه أهل الشرق فكما ابتدعه المصريون من الفول والكراث والشبت والكزبرة لذا كان أخضر القلب، ناعم المذاق، يميل للخضرة بنفس درجة الحبة المستخدمة إن كانت فولا طرياً أو حمصاً قاسياً
لذا حينما قام أهل الشام باستبدال الفول في صناعتها بالحمص وقلت الخضرة المستخدمة فيه فأصبح لونه من الداخل أفتح والطعم أقسى قليلاً، وجاء أهل فلسطين وسطاً بين الفريقين كجغرافيتهم منذ الأزل ليخلطوا الفول والحمص فيها مع الخضر، فهم يزرعونها جميعها، وبينما اختلف القاهريون عن السكندريين في اضافة تسمية جديدة لها “الطعمية” بدلا من الاسم الأصيل “فلافل” (بمعنى كثيرة الفول)
إلا أن هذا الاسم الجديد صار علما على الأكلة وآكليها من أهل مصر حينما يريد بعض الجيران منابزة أهل مصر بالألقاب أو السخرية من خلالها، بالمناسبة لا أرى الاسم مهينا أو محرجاً بل كفاه فخرا أنها أحد الاختراعات التي انتشرت في العالم باسمها ومدلولها في جميع اللغات اليوم مثلها مثل الورق مثلا تجد /papel/paper/Papiere…كلها تحريفاً عن پاپرعا (الذي ينتمي للقصر، البردي) فكان هذا الورق الأول -قبل اضافة تسي إي لون لصناعة الورق في الصين من البامبو لاحقا-
فالاسم إذا يعبر عن أصالة خالصة و يثبت ريادة وأحقية في هذا الطبق الشهي المغذي. بينما استخدام اسم “كبسة” من البعض ردا على “طعمية” أراه مضحكا حيث أن الكبسة نفسها بل ونبات الأرز كلاهما ليسا أصيلين في الجزيرة العربية، بل هما من الأطعمة التي جاءت واستوطنت سواء من خلال حجاج بلاد ما وراء النهر فهي تكاد أن تتطابق مع الپلوف الأوزبكي Плов ، أو لعلها وفدت من الهند والصين عبر بوابة بغداد التي كانت عاصمة الدنيا في العصر العباسي. وبغض النظر عن الفلافل بنوعيها والأرز البخاري (پلوف Плов) وروعة مذاقه
حتى جاء جيران جدد زعموا أن الفلافل لهم، وكأن حقول پولندا وأوكرانيا وليتوانيا كانت تعرف الفول أو الحمص يوماً!
ولازالت الصحف الألمانية تكتب هذا التوصيف العجيب israelische Falafel الخالي من المنطق ناهيك عن الجهل بالتاريخ والجغرافيا لكن هذه الصحافة ملكية أكثر من الملك، وفاقت في تعريضها وتزويرها في هذا المضمار صحف الشرق حين تطبل لشخص ما، فبينما تجد مقالات نقدية على هآرتس مثلا خاصة قبل الأحداث الأخيرة يستحيل أن تجد ربع هذا النقد لهذه البلد أو ما يتعلق بها في صحيفة ألمانية سواء مقالا أو كاريكاتيراً، لذا صرتُ ممتنعا الفترة الماضية عن الاستماع للإذاعة أو قراءة صحف الألمان، وللدقة منذ العمليات العשكرية الروسية في جارتها التي غرر بها من قبل الغرب أوكرانيا، حتى صارت أرضا محروقة، أكثر من قرص الفلافل هذا!
Leave A Reply

Your email address will not be published.