منارة خير وحضاره

منارة خير وحضاره

0

منارة خير وحضاره

بقلم/د. بلال محمد على ماهر

 

المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، والمناطق الإفريقية فى عمق التاريخ هى مرآته المضيئة، وواجهة العالم المشرق، ومهد الأنبياء، ومهبط الوحى، وأرض الرسالات، وبلاد الحضارات، ومنبع الكنوز والخيرات. ففى يثرب بدأت قصة الوجود العربى مع النور، واكتملت رسالات السماء بالرسالة القرآنية المحمدية، ونبى عربى أمين على خلق عظيم، بلغ الرسالة وتممها عقيدة وشريعة، وأشاع نورها وهدايتها، فكان كما شاء الله له أن يكون، رحمة للعالمين. ومصر أم الدنيا وبلد الخير والأمان، حاضنة الأنبياء والأولياء، ومهد المدنية والحضارات، وصانعة المنجزات، ومصدر العلوم والمعرفة والثقافات فى جميع المجالات منذ عصور الأجداد المصريين القدماء، وحتى العصر الإسلامى المستنير. كانت مصر تنعم بوافر الخيرات على ضفاف النيل فى جميع ربوعها وسهولها، ووديانها الخصيبة، وواحاتها وصحرائها الرحيبة، وسواحلها وشواطئها الثرية المبهجة، فجادت أقطارها بجميع الثروات والخيرات بكافة أشكالها وأنماطها.

 

وقد أعطت مصر للعالم ـــــ من المصريين وغير المصريين ــــ من خيراتها العميمة الوفير، ومن كنوزها الدفينة الكثير عبر آلاف السنين حتى أصبحت تنتشر آثارها فى مصر وجميع دول العالم كى تلقى احترامًا وإجلالًا وانبهارًا لمصر والأجداد القدماء. كما أنجبت مصر قديمًا وحديثًا آلاف العلماء النابغين، والمبدعين المبرزين فى جميع المجالات، وما زال عطاؤها المتواصل للإنسانية والبشرية كلها يفيض بالخيرات.

 

وبلاد الشام والعراق، وبلاد المشرق العربى، والخليج العربى التى جادت بالخيرات وخيرة الرجال الأوفياء من العلماء والفقهاء، والبطولات المشهودة فى التاريخ العربى، والحضارة العريقة عبر آلاف السنين. والمغرب العربى واحة الخير والعطاء أنجب للعالم كثيرًا من العلماء المرموقين، والفقهاء الأجلاء، والأولياء المجاهدين، والعارفين الزاهدين الذين حملوا مشاعل النور والعلم والهداية عبر جميع العصور، وقدموا للعالم نماذج إنسانية مشرفة للخير والعلم والفقه، والإيمان والعطاء، والجهاد والنضال، والصبر والمثابرة.

 

أما إفريقيا الذهبية فكانت وما زالت أغنى بلاد الدنيا بما فيها من ثروات التعدين الهائلة، ومناجم المعادن النفيسة، وإنتاج حيوانى وفير متنوع، وأراضٍ خصبة شاسعة، ومنتجات زراعية متعددة. وبالرغم من ذلك كله لم يكن النصيب الأكبر من كنوزها وخيراتها لشعوبها وأبنائها، وإنما تكالبت عليهم الدول الأوروبية ونهبت الكثير من ثرواتها وخيراتها عبر سنين طويلة، ومازالت هذه الخيرات تحت سيطرة الدول الأجنبية المحتلة ــــ سابقًا أو حاليًا ــــالمتشبثة بمداومة السيطرة عليها بعد تحررها من الاحتلال العسكرى، واستقلالها السياسى، ومؤازرة مصر لها ــــ بالدرجة الأولى ـــــ اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا ومشاركة دول عربية أخرى فى دعمها وتحررها الاقتصادى، واستقلالها السياسى من دول الاحتلال، وقوى الاستغلال فى نسيج عربى إفريقى متآلف ومنسجم من العمل والتعاون والمواقف الحاسمة المشهودة عبر سنوات طوال من الكفاح والنضال الوطنى المشرف.

 

وبحياد تامٍ وموضوعية وواقعية، ومن غير تعصب أو هوى، علينا أن نفتخر جميعًا بانتمائنا لأمتنا العربية الإسلامية شرقها وغربها، كم يجدر الاعتزاز بانتمائنا للقارة الإفريقية الذهبية بخيرها وخيراتها، المضيئة بتاريخها ونضالها، الكريمة بسخائها وعطائها رغم أنف المستغلين والمتآمرين، والحاقدين والطامعين، والمحتلين والمعتدين. والقارة الإفريقية المظلمة السوداء هى صنيعة الاحتلال الغاشم، والتآمر البغيض على سيادتها لسلب حريتها، وتقويض مقدراتها لنهب ثرواتها، وإهدار خيراتها، وسحق شعوبها. ندعو الله أن يحفظ أمتنا الإسلامية، ومنطقتنا العربية، وقارتنا الإفريقية منارة الخير والحضارة من المتآمرين والطامعين والمعتدين، كما ندعوه أن يجمع شملها ويقوى عزيمتها وينير بصيرتها ويهدى قادتها وزعمائها وشعوبها، إنه نعم المولى ونعم النصير.

Leave A Reply

Your email address will not be published.