معايير الاختيار ” كتب /إميل لبيب

0

معايير الاختيار ” كتب /إميل لبيب

 

الجدل الحالى المثار حول بعض القرارات فى الساحة الرياضية بسبب بعض السادة الإداريين لا يختلف كثيراً عن نمط السلوك المتكرر داخل الإدارة المصرية، فى رفع إعلاء شأن من لا يستحق وغير الكفء على حساب المتميز القادر على تحقيق نتائج وانجازات

بغرض السيطرة والتحكم وفرض الرأى والتوجيه حسبما يرى ويرغب، وربما الانتفاع بأمور أخرى لا يعلمها الا الله من وراء سلوكه هذا.

 

والسبب هو ان غير المناسب للمكان او المنصب هو أول من يعلم بعدم احقيته لما وصل إليه بفضل صاحب القرار، فيظل يدين له بالولاء والطاعة وتقبيل الأيدي لينال الرضا والسماح فيبذل أقصى جهده فى الحفاظ على هذه الخطوه والمكانه التى وصل إليها فى غفله من الزمان

 

ولأننا نتبع سياسة طاعة أولى الأمر صعب او يكاد يكون مستحيل ان تجد من الجهاز الإدارى من يعترض او يعلن استياءه بما حدث.

 

فالسيد المسئول طبعهم واقلمهم على السير فى ركابه وأغلبهم يسعى هو الآخر لنوال بركة الرضا عنه فلا يخرج عن الخط المرسوم له باعتبار انه ينفذ تعليمات الإدارة العليا وهو مجرد موظف يسعى للقيام بعمله دون الدخول فى اى صراعات هو غير طرف فيها وقد تضر بمصلحته وتؤخر ترقيه.

 

أما الشخص الكفء المتميز عندما يصل إلى المكان الذى يستحقه هو يعلم والآخرين يعلموا كذلك انه ناله عن جدارة واستحقاق وجهد وعمل ليس لأحد حق عليه فيما هو فيه وبالتالى يكون مستقل ومتفرد في رأيه، من دماغه كما يقولون، فلا يداهن او ينافق او يحاول تنفيذ تعليمات يراها غير مناسبة او لا تصلح للموقف.

 

مثل هذا الشخص يكون متعب وغير مريح ومثير للجدل والصراعات، فهو لا يدين لأحد بشئ فيعبر كما يريد ويرغب عن رأيه ووجهة نظره، وهذا غير مناسب بالنسبة للمسئول الذى يريد أن تكون جميع الخيوط فى يديه ويحرك من هم تحت امره مثل عرائس الماريونت.

 

وبالنسبة للجهاز الإدارى الطيع المرن اللعبه فى يد صاحب الأمر، يكون هذا المتميز خطر عليهم لأنه ببساطه سوف يكشفهم ويعريهم، فيفضح عدم كفاءتهم وبساطة إمكانياتهم بالنسبة للمكان والمنصب الذى يشغلونه، ويعرى مسايرتهم وانبطاحهم المفضوح فى الموافقه على كل ما يصدر او يقال لهم من كبيرهم لمجرد ان هذه رغبته وأوامره التى لا تناقش او تراجع حتى لو كان على سبيل الفهم او الرغبه فى التفسير، فالكلمه التى تصدر لا تراجع ولا تناقش حتى لو كان لمجرد الايضاح والتأكد من المقصود

 

يذكر ان السيد المشير عبد الحكيم عامر كان رئيس اتحاد الكرة من عام ١٩٥٨ وحتى عام ١٩٦٧ وبالتالى كان مسئولاً عن الفريق القومى لكرة القدم وكان هناك مباراة هامه بين مصر وأحد الدول وصرح السيد المشير بقوله:

حرب عايز حرب فى المباراة حرب… مفهوم؟ 

يقصد ان المباراة تكون قتاليه ويبذل فيها جهد يشبه الحرب فى شدتها

 

الطاقم المعاون لسيادته المنفذين لقراراته دون سؤال او طلب توضيح فسروا ما يقول سيادته انه يريد اللاعب اسمه ” حرب ” ليشارك فى الفريق، بالرغم من تدنى مستواه المهارى، وبالفعل نفذوا القرار، واظن النتيجة متوقعه نتيجة التنفيذ الآلى لقرارت قد تكون غير واضحة نتيجة سوء التواصل وعدم القدرة على الحوار والنقاش مع الكبير

فبين منطوق يقصد ومفهوم يسمع تشوه العديد من المفاهيم وتزيف الكثير من الحقائق

 

الشخص المتميز يكون مصدر تهديد لغير الاكفاء وغير مريح بالنسبة لهم هم وكبيرهم فهو من وجهة نظرهم مجادل وغير طيع ومصدر مشاحنات ونقاشات لا طاءل لها، لأنهم يعرفون او يرغبون فى إراحة عقولهم التى لا تعمل فى وجود الكبير، فينفذون بدون أى ابداء للرأى، بعكس هذا الشخص التصادمى غير المرن المتفلسف بدون داعى، فطالما سوف يتم الأمر حسب رأى صاحب الأمر لما نخسره او نعارضه.

 

ويكون الرأى العام داخل هذا الكيان ان هذا الشخص غير ملاءم او متكيف مع الزملاء وانه يثير الجدل وتبدأ السمعه السيئه فى الانتشار وتردد الالسنه ما تسمعه الأذان دون عمل للعقل لمجرد ان فلان وفلان قال، وان هناك واقعه حدث فيها كذا وكذا، وتتناقل الاقاويل والحكايات من وجهة نظر واحده تنال من غير المرغوب فيه، والمعروف ان ما يثير شهيه الحكى ونقل الكلام هى الاخبار السيئه وغير الطيبه فسرعة انتشار الاخبار غير الحقيقية تعادل ٧٠ % من سرعه انتشار الاخبار الحقيقية ( معهد ماساتشوستس دراسة ممتده من ٢٠٠٦ الى ٢٠١٧ لموضوعات تم نشرها على تويتر )

 

او على أقل تقدير يقال ان فلان غير مرضى عنه داخل المؤسسة وبما ان الناس على دين ملوكها ورؤساءها يكون الوضع الطبيعى والمنطقى إقصاء هذا الذى يتسبب لنا فى وجع الدماغ ويسبب عدم توافق مع فريق العمل لأراءه واقتراحاته غير المناسبة او يرونها غير لازمه، وهذا رأى غير المختصين والاشخاص دون الكفاءه او غير المبالين بالموضوع من الاساس فهناك المساير وغيره التجنبى وآخر المطبلاتي.

 

فى بعض الاحيان قد يحدث ان يقوم أحد المرافقين للسيد المسئول بتقديم النصح للشخص المعترض باعتباره ناصح امين لكى يقلل من معارضته ويكون من ضمن اصحاب الرأى المهادن حتى لا يغضب الكبير، فمن المعتاد ان لا ترد له كلمه ولا يخرج احد عن توجيهاته التى تكون فى منزله الحق الذى لا يشوبه باطل من الخلف او من الامام او من اى جهه، فالقرارات محصنه والاراء منزله فهى صادره من الشخص الذى وضعه الله سبحانه وتعالى فى هذا المكان وان اراد الله، ان يزيحه او يخلى المكان منه كان له ما اراد، لذلك تعمل الاغلبية على اساس ان تولى المنصب هو ترتيب الهى ورعايه ربانيه ساقت لنا هذا الشخص ليكون لنا من وراءه النفع سواء كان مادى ( لقمه عيش ) او معنوى بالرأى والنصح والارشاد.

 

ولو فسرت الأمور بهذه النظره المتدينه سوف نرضى ونقبل وجود اشخاص أمثال هولاكو ولينين وهتلر وديكتاتوريين غيرهم يحفل بهم التاريخ العالمى اذاقوا الناس شر ويلات الحرب من قتل ودمار وتشريد لخلق الله، وكان قتالهم والخروج عنهم فى ذلك الوقت أمر يخالف إراده الله، منطق غير سليم بالطبع

 

أعود لسلوك الشخص المتميز والمشاعر التى تنتابه فى وسط جو لا يصلح لأن يكون فيه فأقل ما يوصف به انها بيئة غير مهيئة للعمل او دافعه للانجاز والابداع ويكون الحل احد هذه البدائل:

ـ الانسحاب والتجنب ليستمر فى مكانه دون التعرض لأى امر قد يتعارض مع السياسة العليا للمكان، وهو اختيار سلبى قد لا يتناسب مع نمط الشخصية المبدعه والتفكير غير المعتاد والخلاق

ـ الاستمرار فيما يقوم به حتى يستطيع تحقيق ما يسعى اليه عن طريق بذل الجهد المضاعف ليس فقط فى العمل لكن فى مواجهة المطبلين واصحاب المصالح الشخصية التى فى الغالب تتعارض مع الصالح العام

ـ الرحيل غير مأسوف على المكان غير الملاءم له، وهو بديل يحتاج شجاعة واقدام قد يعيقه المسئولية الاجتماعية التى لدى صاحب الرأى من اسرة والتزامات مادية

وقد يحدث ان يكون الرحيل عن الدنيا هو الاختيار الافضل لدى شخص لم يجد من القبول والاحتواء ما يحتاجه اى مخلوق على هذه الارض، فيفضل ان يجد الرحمه فى السماء

بالتأكيد لكل انسان عمره ودوره لكن فى بعض الاحيان العيش بالقهر يجعل الموت هو راحه لمن لا يستطيع التأقلم مع عالم فاسد غير اخلاقى

وللحديث بقية 

طالما فى العمر بقيه

Leave A Reply

Your email address will not be published.