قيد الإنتظار
حنان الشيمي
أنا من أولئك الذين يحملون دفترا يدونون يومياتهم بكل دقة.
كنت أراه عيبا أن أضع لضيفتي صحنا به حبة فاكهة واحدة حتى قالت لي أمي مرة:
“الجود بالموجود يا ابنتي”
فرأيت الحبة تلة وامتلأ بها قلبي قبل عيني.
أنا ممن يعيشون الحياة كلها فالكون دائما فسيح والحياة مبهجة،
أحب عائلتي وبيتي وقلمي ومطبخي.
كنت أمرر تلك المشاهد القبيحة في الأفلام القديمة حين يُقبل البطل البطلة فأدير وجهي وأغير القناة بسرعة.
أنا ممن ينسون الإساءة ويتسامحون بابتسامة لطيفة وحتى دون اعتذار .
كنت دائما أحترم معلمي وأحب معلمتي ولا أجرؤ على الإساءة لهم أو إثارة غضبهم.
كنت من ذلك الجيل الذي يقول نعم ويجيب بحاضر ولا زلت أكثر كلمة أقولها حاااااااضر
أقولها عن؛ حب، طاعة، ود، تقدير ، احترام،
لا عن خوف، أو تسلق، أو تملق، أو استسلام.
كنت من جيل عاش اللحظة ولم تسرقه التكنولوجيا؛
سافرنا،خرجنا،تنزهنا، لعبنا، بكينا، صرخنا حقيقة واقعا.
ولم نلقي بأنفسنا داخل تلك الهواتف الذكية فتبتلعنا كما ابتلعت أبنائنا.
وجعلت قائمتهم المفضلة عالم افتراضي،
ليلقوا بحياتهم كلها داخله،
ويتركون واقعهم وحاضرهم لاحقا
قيد الإنتظار.
