عجبت لإنسان أنكر وجدَه ” بقلم / ولاء فرج أسعد

0

عجبت لإنسان أنكر وجدَه ”

بقلم / ولاء فرج أسعد

 

عجبت لإنسان أنكر وجده و أسند عظمة بناء الكون و دقته للصدفة. فأردت اقتناص هذه الصدفة مرة أخرى فربما أجد مجرة أخرى أو كواكب و نجوم في مكان ما. فتنحل كل العقد و المشاحنات الدولية و تنتقل الدول المتقدمة، الكارهة لدول العالم الثالث و تعتبرهم عبئا عليها، إلى هذه المجرة و تنعم بالهدوء و السلام.

 

و أمعنت النظر في خلقه فلم أجد له عوجا، ثم كررت الإمعان فندمت على التفكير في إيجاد خطأ أو فتور.

 

 كيف لإنسان ضعيف أمام قدرته أن يتفتق ذهنه و يشك في وجوده، فالضعيف يوما يحتاج أن يُلقي من على كاهله حموله و همومه. و يتبرأ من أخطائه و ذنوبه ليتركها في مسئولية من هو أقوى و أجدر منه على حلها. من سواه يقدر على أن يحمل عنا هذه الجبال من الهموم. بل و من غيره يسامح و يفصح و يغفر.

 

فالعقل الذي استخدمته في تحليل و تبرير هدم وجوده، قد تفقده يوما ما ثم ترى ماذا يفعل؟ تجده يرفع عنك الأقلام و تغلَّق صحفك؛ فليس عليك حرج فإنك مريض. عظيم هو في رحمته التي سبقت غضبه.

 

تأدب مع الله و تعلم منه عنه. إقرأ سورة الكهف عندما قام سيدنا الخضر بتأويل ما لم يسطع سيدنا موسى عليه صبرا، فقد قال تعالى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)

 

 

{وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} (80) (81)

 

وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82)

 

فلتأت أنت يا ناكرا لوجوده و استمع لتأدب الخضر في الحديث عن الله سبحانه وتعالى و الذي ظهر جليا في الفرق بين “أردت” و “أردنا” و “أراد”.

 

دلالة اختلاف التعبير عن الإرادة في قصة الخضر وموسى عليه السلام:

 

قول الخضر في الأولى: “فأردت” دلالة على أن ذلك ليس بإذن مباشر من الله -عز وجل، وإنما هو باجتهاده.

 

والثانية: “فأردنا” إما أن يكون الكلام من الله -عز وجل- وهو الأقرب، وإما من الخضر وانكشف له عن حال هذا الغلام بواسطة بعض الملائكة، فعبر عن نفسه وعن المَلَك، وإما أن ذلك منه على سبيل التواضع، قال الأخير ابن عاشور أحد المفسرين المعاصرين.

 

وأما الثالث: فهي إسناد الإرادة إلى الله -عز وجل- مباشرة فلا إشكال فيه؛ لأن ذلك بأمره ووحيه -عز وجل-. والله أعلم.

 

فلم يستطع الخضر أن ينبس ببنت شفة فيها إسناد لشيء لنفسه في الإرادة و إنما تحرى الدقة اللا متناهية عند الحديث عن الله عز و جل. ثم تأتِ أنت و تنسب خلق هذا الكون الشاسع لصدفة. أو ترجع خلقك لأصول حيوانية مثل القرد الذي فضلك رب العالمين عليه و على كل المخلوقات على وجه البسيطة.

 

طالما بدأت رحلة الشك فسارعوا بإرساء سفنكم سريعا على بر اليقين؛ فالوقت إن طال قصر و الله وحده هو من يعذب و يغفر.

Leave A Reply

Your email address will not be published.