رؤية        .للكاتبة/أمل أمين الخولي

رؤية        .للكاتبة/أمل أمين الخولي

0

رؤية        .للكاتبة/أمل أمين الخولي

١١٨ سورة التوبة الجزء الحادي عشر

وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰٓ إِذَا ضَاقَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَيۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ وَظَنُّوٓاْ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّآ إِلَيۡهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡ لِيَتُوبُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ﴿١١٨﴾

نزلت هذه الآية في الثلاثة الذين تخلفوا عن المؤمنين في غزوة تبوك وكانوا من الأنصار -وهم كعب بن مالك وهلال بن أُميَّة ومُرَارة بن الربيع- تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنهم ندموا وحزنوا حزنًا شديدًا، حتى ضاقت عليهم الأرض بكل سعتها وبراحها غمًّا وندمًا بسبب فعلتهم، وضاقت عليهم أنفسهم لِمَا أصابهم من الهم حتى أيقنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه، فكان توفيق الحق سبحانه وتعالى لهم بالتوبة وطلب المغفرة .

يذكرني هذا الموقف بسيدنا يونس عليه السلام حين يئس من قومه فذهب مغاضبًا فابتلعه الحوت وأصبح من النادمين، حينها علمه المعلم الأكبر بعض الكلمات التي انطلق بها لسانه قائلًا أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .

وآدم حين عصى ربه وخرج من الجنة مغضوبًا عليه فخر على الأرض ساجدًا باكيًا يدعو الله عز وجل أن يصفح عنه ويغفرله، فعلمه الله الدعاء والطلب والعون ليتوب عليه .

ولإن يأتى العبد ربه بصدق التوبة وحٌسن الإقبال،

كان له عظيم القبول والاستقبال من المولى عز وجل فهو التواب الرحيم الذي لا يغلق باب رحمته في وجه الأوابين التائبين .

استوقفني قوله تعالى

” ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم”

إحساس مرير وحزين بأن يشعر الإنسان أن روحه محتجزة داخل بئر عميق مظلم ليس به ذرة هواء لكي يتنفس، حيث أحكم الحزن وثاقه على نفسه وقيدها بأغلال الضيق واليأس والألم، فعجز عن الحِراك والفِكر بل وعجز عن الحياة .

ولكن السؤال هنا .. لماذا شعر هؤلاء الثلاثة وحدهم دون غيرهم من أمثالهم عمن تخلفوا عن رسول الله بكل هذا الألم؟

والإجابة بسيطة ..

هكذا هو حال المؤمنين إذا شعروا بالتقصير في عباداتهم ، أو ارتكبوا أي معصية فتجدهم يشعرون بالضيق والخجل من الله، وتضيق عليهم أنفسهم بل والأرض بما رحبت، ولا تعود لهم أرواحهم إلا بعد التوبة والاستغفار والبشارة من الله بالقبول، وذلك بإنشراح الصدر وانفراج الهم .

وهل يشعر الشخص الخطّاء العاصي الذي لا يكترث إلى أوامر الله ورسوله، ويقضي ليله ونهاره غارقًا في الذنوب بكل هذا الضيق؟؟؟

لقد غجابنا الحق سبحانه في قوله تعالى :

(خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

إنه يفعل ذلك بأريحية تامة، حتى سولت له نفسه استصغار المعصية فصار لا يأبه لعقاب ولا يسعى لتوبة ولا يبالي بالأخرة رغم رائحة الموت التي تملأ كل أركان الكون في الآونة الأخيرة .

ومن لا يعظه الموت لا يعظه واعظ.

فنعوذ بالله أن نكون من الضالين التائهين المغيبين الغائبين، اللهم واجعلنا من الذاكرين المتذكرين الواعين الذين إذا ضلوا عادوا إليك تائبين مستغفرين نادمين .

اللهم تقبلنا في عبادك الصالحين واعفو عنا بكرمك وعفوك يا أرحم الراحمين

Leave A Reply

Your email address will not be published.