“بين فنان تشكيلي و راقصة باليه” بقلم /مريم عبد الجواد

0

“بين فنان تشكيلي و راقصة باليه”

بقلم /مريم عبد الجواد

 

_آمل أنّ يد طفل الحياة العابِثة لم تشوّهك

_و ما نحن اذن ؟ لسنا سوى لوحات فنيّة منقوصة لِلحياة، بعضنا رُسم بريشة القدر السّوداء وبعضٌ تنقصه أهمّ التّفاصيل ليكتمل و البعض الآخر مجرّد لطعة ألوان مبعثرة على فضاء ورقة بيضاء..

_و ما نحن!

_لا شيء سوى قطرة ماءٍ وقعت بالخطأ من ريشة فنّان فأصابت قلب لوحةٍ ما و شوّهته..

_إنّك سلبيّ بعض الشيء 

_أتُنكرين شرف أنّكِ عنصر فاعل غيَّر قدر لوحة فنية ؟

_لا بل أرفض عبثيّة الوجود التي أسندتها إلي للتّوّ..

_العبثيّة نوعٌ راقٍ من الوجود لو تعلمين..

_ما المقصود بهذا ؟

_أقصد تلك النّزعات التي بها نكسر حُدود الوُجود و نرتفع بالنّشوة الى حضرة الابداع

_ كرقصة البجعة السّوداء الأخيرة الّتي أدّتها “نينا” وهي تنزف بعد أن طعنت نفسها لقتل شبح البجعة البيضاء الّذي كان يكبحُها؟..

_أقصد أيضا أذُن فان غوخ الدّامية التي قدّمها كعُربون اخلاص لحبيبته الثّرثارة

_لم يكن مُلزما لفعل ذلك حقيقةً

_للجميع ثمن باهض يدفعه كقربانٍ لآلهة الابداع

_ذلك يتخطّى الابداع، انّه شيء منبعِث من نقطة غامضة في أعماق الانسان

_هو الجنون و لا شكّ، إنّه تلك الرّيشة الّتي تعبث بالألوان و الدّماء على سطح الحياة و تشكّلها لتأخذ معنى ما..

_أجل، ربما..هو لحظة تجاوُز راقصة الباليه فضاء الرّكح و هي تحلّق بحُرية في حضرة العدميّة لبعض ثانية ثمّ تهوي لافظة أنفاسها الأخيرة..

_إنّكِ تعلمين الآن أنّ أهمّ ما في الحياة هي لحظات حاسمة نسرقها مرة واحدة قُبيل رحيلنا

_لكنّك بنظريّتك هذه تُفقِد الحياة وظيفتها الأساسيّة

_تلك وظيفتها في الواقع، ليست سوى محطّة انتظار..

_لمَ؟

_لشيءٍ ما.

Leave A Reply

Your email address will not be published.