المعرفة العلمية (الصفات والخصائص)،

المعرفة العلمية (الصفات والخصائص)،

0

المعرفة العلمية (الصفات والخصائص)،

بقلم: أ.د. خالد عبدالقادر منصور التومي،

 

يتساءل الكثير من الأفراد عن تعريف المعرفة العلمية، لهذا وقبل التطرق إلى المفهوم المُراد من المعرفة العلمية لابُد من التأكيد على أن المعرفة كمفهوم يبدو أكثر أتساعًا من مفهوم العلم، وعلى ذلك؛ فإن المعرفة تحتوي العلم، وتأسيسًا على ذلك؛ فإن كل علم يُعد معرفة، وفي حين لا تُعتبر كل معرفة علم، وهكذا يختلف مفهوم المعرفة عن مفهوم العلم، وبالتالي فهُما ليسا مُترادفان كما يتصور البعض، فالمعرفة مفهوم واسع يشمل كافة ما يتصوره ويُدركه ويعتقده ويحسه الإنسان، وما يكتسبه من خبرات ومعلومات وما يتشكل لديه من أراء جراء ما يمر به من مواقف وتجارب ومُشاهدات.

 

ولِما سبق ذكره، وجب أن نُنوه بأن المعرفة قد تكون علمية أو غير علمية، والتفرقة بين هذين النوعين من المعرفة هنا تستند على الأساس المنهجي، وأسلوب التفكير المُتاح في عملية تحصيل المعرفة، إذ إتباع الباحث لقواعد المنهج العلمي في الكشف عن الظواهر وتفسيرها يُمكنه من توفير المعرفة العلمية حول تلك الظواهر.

 

بهذا نُعرّف المعرفة العلمية بأنها المعرفة المُنظمة والمُرتبة المكونة من مجموعة الحقائق التجريبية، والتي يقوم تفسيرها على أُسس من مبادئ ثابتة مُتميزة، لذلك يُقال للشيء إنه علمي لا لأنه صحيح أو صادق أو حقيقي، بل بإتفاقه مع روح العلم وطرائقه، بيد أن الاتجاه العلمي هو اتجاه نحو البحث عن الحقيقة بالاعتماد على الوقائع كما هي لا كما يُريدها الباحث أن تكون عليه.

 

لهذا تُعتبر المعرفة العلمية معرفةً جدلية تقوم على البراهين، وإنتاجها يتم بشكل جماعي، وهو ليس عملاً مزاجيًا أو فطريًا، فالنماذج والحلول المطروحة تخضع دائمًا للتقويم من طرف أفراد آخرين يقيمون هدفها المنطقي والتجريبي.

صفات المعرفة العلمية ..

 

نُبين هنا بعضًا من الصفات التي من الممكن أن تُميز للباحث المعرفة العلمية عن غيرها من المعارف الآخرى، والتي هي على النحو التالي سرده تباعًا:

  1. الموضوعية (الحيادية): المعرفة العلمية تستند على درجةٍ عالية من الموضوعية المُبتعدة عن التحيز، كما أن الباحث هنا يقف على الحياد الكامل، وهو يقوم برصد ودراسة وتحليل الظواهر دون تبني لأية أراء أو مواقف أو اتجاهات مُسبقة.

 

  1. التجريبية (الملاحظة والقياس): المعرفة العلمية تخضع للتجربة والملاحظة والقياس والتفسير العلمي القائم على الحُجج والبراهين والأدلة العلمية، ولا تخضع للأراء والانطباعات والأهواء الشخصية.

 

  1. الخطوات المنهجية (الإتباع): تلتزم المعرفة العلمية بإتباع الخطوات المنهجية المُتفق عليها في مجال البحث العلمي، وهذه الخطوات التي تعكس جهدًا مُنظمًا هي التي تقود إلى الوصول إلى النتائج المُطمئنة التي تؤسس لمعرفة علمية حقيقية.

 

  1. التراكمية (نتائج وتطوير): تتسم المعرفة العلمية بخاصية التراكمية؛ فهي نتاج جهود علماء وباحثين عبر الزمن، لكل منهم إضافاته العلمية التي تُساهم في تطوير المعرفة وتحسينها.

 

  1. الجزئية أو الكلية (التعديلات): أية تعديلات جزئية أو كلية في نتائج المعرفة العلمية تظل رهينةً بما تُحققه تلك المعرفة من تقدم، وما تُنتجه من اختراعات واكتشافات جديدة، ولا تخضع أبدًا للمزاج أو الأهواء الشخصية.

 

خصائص المعرفة العلمية ..

تُبنى المعرفة العلمية على مجموعة كبيرة من الأفكار والمعاني، ويتم اكتساب كافة هذه الأفكار والمعاني من خلال عنصرين وهما (البحث والتجربة)، ومن أهم هذه الخصائص ما نأتي على سرده تباعًا:

  1. الموضوعية والقدرة على تقبل كافة الحقائق المتعلقة بالدراسة.
  2. إمكانية التحقق من كافة الأدلة المتعلقة بالظاهرة أو المشكلة.
  3. الحياد، إذ ينبغي ألا تؤثر قيم الباحث على النتائج الخاصة ببحثه العلمي.
  4. الدقة، بيد أن المعرفة العلمية قائمة بشكل أساسي على عنصر التجارب.
  5. الواقعية، بمعنى متابعة جميع الظواهر المتعلقة بالبحث العلمي.

 

أنواع المعرفة العلمية ..

نذكر هنا نوعان من المعرفة العلمية، واللذان يُعدان الأهم، وهما ما نأتي على سرده تباعًا:

أولاً: المعرفة الضمنية .. يتعلق هذا النوع من أنواع المعرفة العلمية تعلقًا كبيرًا بالمعرفة التكنولوجية، وكذلك بالمعرفة التقنية، وتُعتبر المعرفة الضمنية جزء صغير من الموسوعة الخاصة بالفرد.

 

ثانيًا: المعرفة الصريحة .. هذا النوع من أنواع المعرفة العلمية عبارة عن معرفةٍ رسمية، وما يُميز هذه المعرفة أنها مُتخصصة، وهنا يرد طوعًا تساءل (كيف يتم أكتساب هذا النوع من المعرفة؟) الإجابة: يتم أكتسابها عن طريق المؤسسات التعليمية أو من خلال الدورات التدريبية والتي تُعد أحد طُرق الحصول على المعرفة العلمية.

 

ختامً .. بناءً على التساؤل الذي أوردناه في مطلع هذا المقال، الآن يمكننا الإجابة: المعرفة العلمية عبارة عن مجموعة كبيرة من الأفكار، وكذلك مجموعة من التصورات، ويتم اكتساب جميع هذه الأفكار بأسلوب مُنظم من خلال استخدام المناهج العلمية، والهدف الرئيسي هو المساعدة في فهم جميع الظواهر العلمية المختلفة.

Leave A Reply

Your email address will not be published.