المبادئ العلمية فى استلهام النص الدرامى ” بقلم د. بلال محمد على ماهر
دقة النص الدرامى وتوافقه مع المبادئ العلمية والأسس الفنية ضرورة حتمية لتحقيق التوازن والتكامل المأمول لاستثمار الأعمال الدرامية والأدبية بكافة أشكالها وأنواعها لخدمة قضايانا المعاصرة وطرح الحلول الممكنة والمناسبة لمشكلاتنا المجتمعية. ومن خلال متابعتنا لكثير من الأعمال الدرامية الإذاعية والتليفزيونية والسينمائية والمسرحية والتى يمكن تصنيفها للمستعمل المعاصر قارئ/مستمع/مشاهد على النحو التالى:
أعمال درامية دقيقة، وأعمال درامية غير دقيقة. فالأعمال الدرامية الدقيقة ـــــ من وجهة نظرنا ـــــ هى الأعمال المشغولة بعناية ودقة دون مخالفة أو تبديل للمبادئ العلمية فى جميع المجالات ــــشكلًا ومضمونًاــــ وهى أيضًا الأعمال التى لا تتعرض على الإطلاق لأى ظواهر كونية، أو نظريات علمية، أو مصطلحات تخصصية أو فنية دون مرجعية منهجية وتوثيق معتمد.
أما الأعمال الدرامية غير الدقيقة فهى الأعمال الدرامية التى تنحرف عن الأسس العلمية والهياكل التنظيمية شــكلًا أو موضوعًا، أو كلاهما، وأيضًا الأعــمال التى تتـــعرض لحقائق ومفاهيـــم علمـــية خاطـــئة ــــ ـبضرورة أو بغير ضرورة ـــ والتى تؤدي فى كثير من الأحيان إلى ضعفٍ وركاكةٍ فى سياق النص الدرامى، وعلى وجه الخصوص الأعمال التى تتناول أحداث متتالية داخل أروقة وساحات القضاء، وداخل أروقة الجامعات والمكتبات، وداخل المدرجات والقاعات الدراسية، وداخل المؤسسات الأكاديمية، وداخل المراكز البحثية، وفى أروقة المعامل والمختبرات، وبين خطوط الإنتاج والإدارات بالمصانع والشركات، ومواقع العمل فى أماكن مختلفة البيئة والمناخ سواء كانت زراعية أو صحراوية أو مائية، أو داخل المدن والقرى، أو الأعمال التى تروي تفاصيل حياة العلماء والمكتشفين وتعرض تحركاتهم ومواقع عملهم وأدواتهم ومصطلحاتهم ومنجزاتهم فى جميع المجالات والتخصصات، والتى تستلزم الإلمام الكافي بجميع التفاصيل العلمية والإدارية والتنظيمية ذات الصلة كعلماء: الطب والهندسة والعلوم الأساسية (الفيزياء والكيمياء، والأحياء) وعلماء الفضاء، والفلك والاقتصاد والاستثمار، والزراعة، وتكنولوجيا التعليم والحاسبات. وكذلك علماء العلوم الإنسانية كالتاريخ والجغرافيا والفلسفة والاجتماع، والإعلام، والآثار، والعلوم الإدارية والتجارية والقانونية…
وغيرها من العلوم والتخصصات وعلى وجه الخصوص المجالات الحديثة وتكنولوجيا العصر. والأخطاء العلمية الجوهرية، والتجاوزات العملية تؤدى إلى ركاكة العمل الدرامى وفقدان المصداقية والواقعية للنص والمشهد الدرامى على حدٍ سواء، وفقدان المتلقي للتذوق والتشوق الفنى، والإحساس بالرتابة وعدم التواصل الفعال.
ومن أمثلة هذه الأعمال: فيلم «جرى الوحوش» تأليف محمود أبو زيد وإخراج على عبد الخالق. وفيلم «استقالة عالمة ذرة» تأليف إحسان عبد القدوس، وسيناريو وحوار ممدوح الليثى، ومن إخراج إبراهيم الشقنقيرى. وفيلم «إمبراطورية ميم» قصة وحوار إحسان عبد القدوس، وإعداد سينمائى نجيب محفوظ، وسيناريو محمد مصطفى سامى، وكوثر هيكل، ومن إخراج حسين كمال. والمسلسل التليفزيونى «يوميات مدرسة» تأليف وسيناريو وحوار وجيه الشناوى، ومن إخراج إجلال فريد. والمسلسل التليفزيونى «ضمير أبله حكمت» قصة وسيناريو وحوار أسامه أنور عكاشه، وإخراج إنعام محمد على. والمسلسل التليفزيونى «أستاذ ورئيس قسم» والعنوان الصحيح هو «أستاذ ورئيس مجلس قسم» لأن وظيفة رئيس بالجامعات المصرية مقصورة على رئيس الجامعة فقط، وهذا المسلسل من تأليف يوسف معاطى، ومن إخراج وائل إحسان،… وغيرها من الأعمال. وهذه الأعمال فى مجملها أعمال جيدة وهادفة ولكنها تحتاج مزيد من الدقة العلمية والمعلوماتية، ومزيد من الخبرات الأكاديمية والتنظيمية والإدارية والقانونية.