الخبز  الساخن.بقلم:حنان الشيمي

0

الخبز  الساخن.

بقلم:حنان الشيمي

 

مرحبا💚
“نبيلة” جارتي كعادتها كل مساء تربي خميرة الخبز الذي ستصنعه في الصباح الباكر ليكون ساخنا،

حين رأت تلك الدهشة المملؤة بإعجاب ورضا في عينيه أقسمت أن تدهشه كل صباح بخبزها الساخن.
تقوم فجرا تاركة فراشها الدافئ وذراعيه الحنونين لتصنع له بعض السعادة.

فبعد أن تصلي الفجر وتقرأ الورد تقف في مطبخها وهي تردد أذكار الصباح وقد أضافت لها دعاء مقررا
“اللهم أسعد قلوب أحبتي ودفئها بخبز ساخن أصنعه بحب”.

تتحرك بخفة وهدوء كي لا تزعجهم وهي راضية كل الرضا
أن تقتص من راحتها لأجل عيونهم.

كم قيل لها ما ضرك أن تشتري راحتك وتجلبي الخبز من الفرن القريب؛ فذاك أيسر وأسهل!
لكنها بادرت برسالة لطيفة تسد بها ثقوب المشقات التي يلاقيها زوجها.

فتشعل الموقد ليدفئ قلوبهم قبل أجسادهم
تعجن الدقيق وتخبزه بمودة وترش عليه بهار الحب فيختمر بحنين وينتفخ برضا وينضج بسكينة وحنان.
لهيب الموقد أقل استعارة من لهيب الحياة وهو يركض باحثا عن رزقه ساعيا على قوت يومه.

وحين يستيقظ وقد عبأ الدار رائحة خبزها فيرسو في قلبه حبها وترسخ محبتها.

ويوما بعد يوم يعتاد الأمر، وليس غريبا أن يمل صنيعها، لكن الأغرب أن يبخس حقها، وأن تظلل غمامة الجفاء على قلبه.

كان من المفترض أن يقدرها حق قدرها لكنه زهدها كما ملَّ خبزها.

جلس في صبيحة هذا اليوم صامتا واجما حتى برد الخبز وخفت حرارة الحليب ومال إلى البرودة كما فترت همته وخفتت مشاعره.

قامت تدعوه للفطور قبل أن يرحل لكنه لم يستجب!!

وتكرر الحال أياما عديدة وهي لا تدري ماذا فعلت!

حتى علمت من أوراقه أنه يستعد للهجرة فصارحته ولم ينكر.
وساعتها طلب منها أن ترافقه لكنها استشعرت تردده في هذا الطلب.
صمتت ولم ترد

طالبته أن يستخير و يستشير.
وظلت محافظة على عهدها تصنع له كل صباح خبزه الساخن.
وعندما لامها الجميع على صبرها وتحملها قالت؛

“لن ينسى الخبز الساخن”
لم يكن خبزها الساخن وحده هو ما رده إلى رشده وأعاد إليه عقله؛
لكنه حن إلى رقتها وأدبها،

عاد يحلف بعشرتها وبخبزها الساخن دائما.
لا تجعلوا الرتابة وما تسمونه مللا يقضي على سعادتكم

فدوام العافية نعمة،
دوام التفاصيل الصغيرة نعمة،
دوام العشرة نعمة.

احمدوا الله على أنعمه، واشكروه آناء الليل وأطراف النهار ولو على رغيف خبز ساخن. 2020

Leave A Reply

Your email address will not be published.