ابتعدي يا صديقتي عن هذا الرجل

ابتعدي يا صديقتي عن هذا الرجل

0
ابتعدي يا صديقتي عن هذا الرجل
للكاتبة/سهام سليم
ابتعدي عن الرجل الذي يعبر عن إحساسه بالظلم وكأنما هو طبعٌ لا فكاك منه. شكاواه ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي مرثية لحياةٍ تُعاني، وصوتٌ يكرر حكاياته في كل مجالس الحديث. هو لا يملك القدرة على التحرر من هذه الدائرة الضيقة، حيث تدور المشاعر حول نفسها في دوامة لا تنتهي، ويغفل عن أن الحياة ليست صراعًا دائمًا، بل هي رحلة يتداخل فيها الفرح والحزن في نسيج واحد.
ابتعدي عن الرجل الذي يرى نفسه ضحية لكل ما حوله، وكأنما هو قد اُختير ليعاني دون غيره. في كل مرة يتحدث، يُعيد على مسامعك قصص الإخفاقات التي يدور فيها، ويحول كل تجربة إلى مرآة تعكس فقط ظلمه وتجربته الصعبة. فهو لا يدرك أن الحياة تحتاج إلى أكثر من مجرد الشكوى؛ تحتاج إلى إرادة للتغيير وإلى رغبة في التفاعل مع العالم بشكل أكثر إيجابية.
ابتعدي عن الرجل الذي يتنفس الشكوى، الذي يعيش في فقاعة من المرارة، كأنما الزمن قد نصب له فخًا فظل ملتصقاً به. هو الذي ينشر بين الناس سحابة من الاستياء، يرى في كل زلة غدرًا، وفي كل تأخير ظلمًا مستطيرًا. يشكو بصوت عالٍ عن حياته التي تجري وكأنها نهرٌ متجمد، لا يجد فيها غير الصعوبات والمصاعب التي لا تنتهي.
ابتعدي عن الرجل الذي ينسى أن للعطاء ثمنًا لا يمكن قياسه بالمكافآت المادية أو الثناء. هو الذي يعطي بلا حدود، لكنه يرفض أن يرى الجمال في العطاء نفسه، مُتخيلًا أن كل جهد يبذله هو سلوك بطولي يستحق تصفيقًا وإشادة.
هو دائماً ما يرى العالم من خلال مرآة مشوهة، حيث يُنسب الفشل إلى الجميع عدا نفسه، كأنما هو فقط من يعتصره الألم في هذا الكون الرحب.
ابتعدي عن الرجل الذي يجد لذته في استرجاع ألمه، لأن هذا الرجل لا يملك سوى أن يظل غارقًا في عتمة شكواه، بينما الحياة تتقدم في مساراتها، حاملة في طياتها فرصًا جديدة، وآمالاً يمكن أن تلمع في الأفق..
ابحثي عن من يرى النور في خبايا الظلام، من يستطيع أن يقلب الأحزان إلى فرص، والمشقات إلى قوة.
و اعلمي يا صديقتي، بإن الحياة ليست ساحة للتشكي، بل هي رحلة تستحق أن تُعاش بكل ألوانها وتجاربها
Leave A Reply

Your email address will not be published.