أمنية              قصةبقلم /مرام جبري

أمنية              قصةبقلم /مرام جبري

0
أمنية              قصةبقلم /مرام جبري

 

الحياة متقلبة متغيرة لا تستقرّ على حال، ربّما ترفع الأشرار والجاهلين وتُسقط الأبرار والعقلاء
وربّما تأخذ منعرجا سيّئا بعدما كانت تسلك طريقا صالحا وواضحا،  وما نحن إلاّ لنتعايش مع هذه التقلّبات وأن نقف في وجه الخيبات
لكي لا نسلك طريقا نندم عليه ولا يفيد النّدم بعد ذلك إلاّ أن يولّد فينا أفكارا شيطانيّة وصراعا متواصلا مع الضمير
الذي استفاق من سباته العميق، ولا نخرج من هذه المعركة الطّاحنة إلاّ رذاذا متناثرا هنا وهناك
موكولين ببعض الجراح لنكمل هذه الحياة على أنّنا أصبحنا بضاعة أو شيئا فقد قيمته، لا فائدة منه بعد اليوم.
مثل ذلك شراء سلعة أو أثاث للبيت فينسى بعد أيام.
أخذت الشمش بالمغيب وإقفرّ الشارع،
الخامس من يناير ليلة باردة جدا والمطر لا تكف عن الهطول
، في زقاق الحبّ تقطن أسرة العمّ مسعود المتكوّنة من زوجته زينة، إمرأة في غاية الجمال رغم ما فعل بها الزّمن إلاّ أنّها لا تزال وردة يانعة
صغارا وكبارا في هذا الزّقاق يقفون إجلالا لحسنها الأخّاذ الذي يسحر في الحال.
الخالة زينة تزوجت العم مسعود عن حب رغم أنهما عائلة فقيرة ولا يملكان شيئا من متاع الدّنيا لكن بين قلوبهم ينشأ حبّ عظيم
ورغم الصعوبات التي عاشتها زينة إلاّ أنها لازالت متشبّثة بالعم مسعود بطلها كما تحب أن تناديه دائما.
بعد زواج دام سنتين؛ أنجبا ابنهم أشرف، تحبه الخالة زينة كثيرا وتتّخذه صديقا لها ليس ابنا فقط، 
فلا يغمض لها جفن ولا يرتاح لها بال إلاّ حين يعود إلى المنزل، رغم بلوغه الواحد والعشرين عاما إلاّ أنها لا تزال تعامله كصغير لا يفقه من الحياة شيئا
ولا يقوى على تلبية شؤونه وحده.
أمّا أمنية فهي درة البيت، فتاة في العشرين من عمرها، قمر كما يلقّبونها الجيران بجمالها وجمال قسمات وجهها
تجلب أنظار الجميع، شبيهة أمها
فالعم مسعود دائما ما يناديها بزينة الصّغيرة فهي نسخة مصغّرة عن زينة ولا تختلف عنها في شيء.
أمنية مدلّلة أباها رغم كبرها إلا انها وتينه وسنده في هذه الحياة، بعدما هلّت عليه، أنارت البيت
ومنذ ذلك اليوم لم تنطفئ شعلة الحبّ في هذه العائلة.
في الحقيقة إنّ المهمّ في الدنيا لا مال ولا جاه بل الحبّ الذي ينشأ في هذا الكوكب ويدقّ باب كلّ منزل، نسمو به درجات ودرجات
فيهون في عيننا كأس الحنظل الذي تجرّعناه في الحياة.
أوشكت أمنية أن تنهي مرحلتها الجامعيّة،
Leave A Reply

Your email address will not be published.