إعداد / د. هاني توفيق
عن بوليني دكيومنت
عاش يتقلب بين البذخ والإسراف والعناد
عاش فنانًا شاملًا من حيث التمثيل والتأليف والإخراج والإنتاج
عاش إنسانًا متعدد المواهب فعمله الأساسي كان طيارًا
عاش مقدم برامج شهير فى الإذاعة المصرية
عاش تاجرا للسلاح
عاش دون جوان عصره واوانه
عاش من الصعب تصنيفه ضمن قائمة محددة بذاتها.
عاش عمرا قصيرا
قال عن نفسه: ” كنت الأول دائمًا في كل شيء، فكنت الأول في الطيران، والأول في الإذاعة، والأول في السينما، ولما قدمت إلى المحاكمة كنت كذلك المتهم الأول، لأن المحكمة طلبت الحكم عليّ بالإعدام “
هى القضية الكبيرة الشهيرة والتى عرفت بقضية ( الخوذات المقلدة ) والتى شغلت الرأى العام المصرى والتى وروى أثناءها أن الفنانة ” راقية ابراهيم ” كانـت تبكي بشدة عندمـا كان أحمد سـالم سـجيناً في قضيـة الخـوذات المقلـدة ولم تكف عـن الحـزن والبـكاء إلا عندمـا غـادر السـجن ” بعد الحكم عليه ب ثلاث سنوات ويتم سجنه ثلاث سنوات
(تورط أحمد سالم في قضية “الخوذات المقلدة ، ودخل بسببها السجن وكان المتهم الأول في تلك القضية، وطلب الادعاء الحكم عليه بالإعدام فى القضية .فى عام 1942.على أثر أعلان الجيش البريطانى والجيش الملكى المصرى عن مناقصة شراء 50 ألف خوذة لجنود الكومنولث و20 خوذة للجيش المصرى طرحت مناقصة عامة لشراء خوذات خاصة بالجنود ، وأشترطت المناقصة على ان تكون الخوذات صلب هادفيلد – صلب منجنيز – ، ودخل احمد سالم المناقصة وفاز بها مع أخرون وإستلم شيك بقيمة عرضه ، وورد الخوذات في الموعد المقرر ولكن مصنوعة بخامات أقل فى الجودة
صنعت الخوذات من الصفيح وليست صلب هادفيلد ، وتم القبض علي سالم ، وفي المحكمة حاول محاميه وهيب دوس التشكيكك في متانة صلب هادفيلد ، وأي صلب يلبسه الجندي مش هيحميه من الآذي ، فالمحكمة رفضت كلام الدفاع ، وحكمت ب 6 شهور حبس علي أحمد سالم ، ووصفت فعلته بالغش )
اسمه كاملًا أحمد علي محمد سالم، من مواليد أبو كبير بمحافظة الشرقية فى 20 فبراير عام 1910، من أصول ثرية أرستقراطية كان والده ” علي سالم أحد ” كبار أعيان أبو كبير بالشرقية في ذلك الوقت، وعمه ” النجدي سالم ” عضو مجلس الشيوخ عام 1924، وعمه الثاني “عبدالعزيز عبدالله سالم ” وزير الزراعة مع بداية إنقلاب 23 يوليو 1952 العسكرى
مرت سنوات الطفولة الأولى وتركت الأسرة أبو كبير- شرقية واستقرت في القاهرة، حيث التحق أحمد بالمدرسة الناصرية الابتدائية ثم ألتحق بالمدرسة الخديوية وحصل منها على شهادة الكفاءة الإعدادية، بعد وفاة الأب ومن بعدها شهادة البكالوريا عام 1926 من مدرسة الجيزة الثانوية و عشق القراءة خاصة باللغة الإنجليزية التي أجادها ببراعة، وهو ما أهله لإكمال دراسته في تخصص الهندسة بكلية ماجدلين التابعة لجامعة كمبريدج بإنجلترا.كان سالم طالباً مثالياً، رياضياً بارعاً، خاصة في رياضة التجديف .
كانت تلح على أحمد فكرة تعلم الطيران فالتحق بنادي تعليم الطيران داخل كمبريدج ومن ثم قرر أن تكون أولى رحلاته إلى مصر، ورغم جنون الفكرة والتي أذهلت جميع زملائه، حتى إن الدكتور حافظ عفيفي باشا وزير مصر المفوض في إنجلترا حاول أن يثنيه عن قراره، إلا أن عناده وأصراره الذي اتصف بهما جعله يقبل على المغامرة حتى وإن مات، فسيذكره التاريخ
أقلع أحمد سالم من مطار لندن في احتفال صاخب ضم الجالية المصرية هناك وأصدقائه الإنجليز والدكتور حافظ عفيفي الذي سلمه رسالة لرئيس وزراء مصر “صدقي باشا ” وبدأ رحلته من لندن مروراً بفرنسا ثم نابولي بإيطاليا، ليعبر البحر المتوسط إلى تونس، ومنها إلى الإسكندرية ثم القاهرة، واستقبل سالم في مطار الماظة بالقاهرة مصر الجديدة بعد ظهر يوم الجمعة 27 مارس عام 1931 بترحاب بالغ وحفاة شديدة ، حيث كان عددا كبيرا من الوزراء و كبار رجال الدولة والمصريين في انتظاره يهتفون باسمه .
سلم أحمد الرسالة لرئيس الوزراء الذي كان في انتظاره في المطار، بل إن مجلس الوزراء انعقد ليقرر صرف مكافأة سخية له
كرمه الملك فؤاد بنوط الجدارة الذهبي، وتلقى دعوة من إحدى القنوات الأهلية لإجراء حديث على الهواء التقى فيه بمعجبيه فطرحوا عليه ما يشاؤون من الأسئلة . بعد انتهاء الحفل توجه أحمد لمكتب صاحب المحطة بدعوة منه، فعرض عليه ان يدير المحطة لما له من عقلية مستنيرة وشهرة واسعة، لكن أحمد اعتذر لأنه لم يكن قد أكمل دراسته بعد في انجلترا، كما أن برامج المحطات الإذاعية الأهلية لم تكن تناسبه لأن معظمها يعتمد على ما يطلبه المستمعون، دون وجود مساحة للبرامج الجادة والثقافية .
استأنف احمد دراسته في كمبريدج أواخر ابريل 1931 حيث حصل على شهادتي BA وMA ( بي إي، وإم إي)، وأصبح يحمل لقب أستاذ في الهندسة . عاد إلى مصر وعمل مهندساً في شركة عبود، في الوقت الذي ألغيت فيه الإذاعات الأهلية وأنشئت الإذاعة المصرية الحكومية الرسمية سنة ،1934 ففوجئ أحمد بتعيينه كبير مذيعي الإذاعة لثقافته واطلاعه وإجادته التامة لعدة لغات .
انضم إلى الإذاعة المصرية وكان من أوائل المذيعين، وهو صاحب المقولة الإذاعية الشهيرة “هنا القاهرة”، كما شارك في إعداد وتقديم الكثير من البرامج حتى تولى إدارة القسم العربي في الإذاعة. فحقق نجاحًا باهرًا في الإذاعة، وكان المستمعون ينتظرونه باهتمام، وكان الجميع يسمع بإصغاء شديد ينتظرون سماع صوته يقول ” هنا القاهرة “.
(عند تمام الخامسة والنصف مساء 31 مايو 1934، سُمع في الأرجاء رجل يقول في:
“هنا راديو الإذاعة المصرية الملكية اللاسلكية..هنا القاهرة “..
كانت تلك الكلمات أول جملة ينطق بها المذيع المصري أحمد سالم عام 1934 عبر الموجات الإذاعية في مصر، واستمع إليها أهالي المحروسة مرددين في اليوم التالي: هنا القاهرة.
افتتحت الإذاعة المصرية 1934 بترتيل آيات الذكر الحكيم بصوت القارئ الشيخ محمد رفعت؛ وذلك نظير أجر قدره ثلاثة جنيهات، وأحيت أم كلثوم أولى سهرات الإذاعة نظير أجر 25 جنيهاً، وفى الأيام التالية قدم صالح عبدالحى مجموعة من الطقاطيق وقدم عبدالوهاب بعض أغانيه وكذلك الشاعر على الجارم، كما قدم محمد عبدالقدوس مجموعة من المونولوجات على موسيقى مدحت عاصم، ومنذ الليلة الأولى قدم لبرامج الإذاعة مع أحمد سالم المذيع محمد فتحى الذي لقب بكروان الإذاعة لرخامة صوته )
أبدى طلعت باشا حرب إعجابه بسالم الذى كان فى الخامسة والعشرين من عمره بعد تقديمه لحفل أقامته شركات بنك مصر على مسرح الأزبكية عام 1935، وطلب منه مهمة استكمال إنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما وبناء استديو كبير يكون مصريا خالصا
عرض طلعت حرب على أحمد سالم تولي إدارة شركة مصر للتمثيل والسينما، فوافق مرحبًا وقدم استقالته من الإذاعة، ويُحسب له استكمال تأسيس “ستديو مصر” وإمداده بالخبرات الأجنبية إلى جانب الكوادر المصرية مثل المخرج أحمد بدرخان والمصور أحمد خورشيد وغيرهم الكثير
أدى نجاح الأفلام التي أنتجها “ستوديو مصر” إلى ثقة طلعت حرب في سالم فعينه، عام 1936، المدير العام للقسم الهندسي لشركات بنك مصر، بالإضافة إلى منصب مدير عام مطبعة مصر، ومدير عام لقسم الدعاية السينمائية لبنك مصر.
بعد استقالته استأجر ستوديو “وهبي” بالجيزة، لمدة 5 سنوات، وقدم أول فيلم عام 1939 من تأليفه وإخراجه وبطولته، بالاشتراك مع الأبطال راقية إبراهيم، وأنور وجدي، وحسين صدقي، وعباس فارس.
لكن ابتعد عن السينما بعد هذا الفيلم، بسبب قيام الحرب العالمية الثانية، وشارك في مجال تجارة السلاح ، وكان يورد الاحتياجات العسكرية للجيش الإنجليزي ثم تورط في قضية (الخوذات المقلدة)، ودخل بسببها السجن وكان المتهم الأول في تلك القضية، وطلب الادعاء الحكم عليه بالإعدام.
ثم عاد للسينما مرة ثانية، و قام بدور البطولة أمام راقية إبراهيم في «دنيا»، عام 1946، من إخراج محمد كريم.