جريدة النجم الوطني
alnigm.com/gif2.gif

بطلي الوحيد بقلم:شعراوي محمد

0 116

بطلي الوحيد

بقلم:شعراوي محمد

الليل أخيرا ..
همست بها في خفوت بعد أن حان موعد قراءتها للجزء الأخير من تلك الرواية التي أسرتها بشدة واستولت على حواسها وكل مشاعرها
تنتظر كل يوم حتى تنهي
جميع واجباتها المنزلية ويغط أولادها في ثبات عميق ولا يبقى سوى زوجها الذي سيعود من عمله المسائي بعد سويعات لتنتهز تلك الفرصة وتخلو بفارسها الخيالي متقمصة دور البطلة التي أجادت الكاتبة رسم تفاصيلها حتى غدت أنموذجا لكل جميل تحبه
لساعات تسترسل مع الأحداث وتعايش التفاصيل وكأنها في دنيا أخرى غير دنيانا ثم تسيل دموعها غزيرة دفاقة بعد الانتهاء وكانها فقدت عزيزا لها قد مات
كيف سأعيش من غيرهم ؟
نفس تلك الصدمة التي تعتريها عقب إنهاء كل رواية اختارتها بعناية لتغرق في تفاصيلها حد العشق
تعلم أنها تسرف كثيرا في الخيال وتبتعد بشدة عن الواقع الذي تحياه .. لكن هذا هو العالم الذي ارتضته لنفسها بعد أن عجزت عن التعامل مع حياتها وتقبلها


مسحت دموعها الغزيرة لتستعد لعودة زوجها فرحلة الرجوع من الخيال إلى الواقع مرهقة وبعد قليل تجده منهكا جائعا كالعادة وهكذا تدور في فلك ذلك الروتين أبعد ما يكون عن كوكبها الوردي الذي تسكنه في أرض الأحلام
أين عادل زوجها من أبطالها الذين قضت معهم أجمل لحظات خيالها ؟
تفتقد فيه للرومانسية .. المغامرة .. والحياة غير التقليدية المتجددة باستمرار
علا رنين الجرس فجأة فقطع نزيف أفكارها لتهرع نحو الباب مندهشة من ذلك الطارق المتأخر فلن يضغط زوجها الجرس بالتاكيد
تسارعت دقات قلبها .. زوجها يسانده رجلان غريبان ففتحت الباب وانفجرت بالبكاء مما رأت
لا بأس يا سيدتي اهدأي لقد أصيب السيد عادل أثناء العمل أصابة بالغة لكننا قمنا بإسعافه يحتاج فقط الراحة لعدة أيام مع تلك الأدوية بانتظام
أومأت برأسها في صمت وعيناها مغرورقتان بالدموع وجلست إلى جانبه بعد أن ساعداها في إيصاله إلى مخدعه تحتضن أبناءها الصغار الذين استيقظوا فزعين على تلك الجلبة متأملة وجه عادل الذي يهذي بكلمات غير مفهومة حتى مضت تلك الليلة الحزينة وأشرق الصباح

  • هل السيد عادل بخير
    = نعم أفضل بكثير
  • نود الاطمئنان عليه
    = تفضلوا
    كيف حالك يا بطل لن ننسى لك صنيعك انقاذ مصنع بالكامل وعماله ليس بالامر الهين لكنك كنت على قدر المسئولية كما عهدناك شكر الله لك
    تأملتهم وهي شاردة .. لم تحاول يوما التعرف على طبيعة عمل زوجها علمت اليوم فقط أنه مسئول عن تأمين احد تلك المصانع المتخصصة في صنع أنابيب الأكسجين وها هو ينقذ المصنع من حريق شب بأحد أقسامه

أسعدتها الفكرة كثيرا وأخذ انطباع جيد يتسلل إلى نفسها شيئا فشيئا وما إن انتهت الزيارة وانصرف الجميع حتى خرجت تحضر اليوم حاجيات المنزل بعد أن اطمأنت على قدرة زوجها على البقاء بمفرده بضع ساعات وهكذا لعدة أيام تحملت شئون بيتها بمفردها توصل أبناءها لمدارسهم ثم تحضر حاجيات المنزل ثم تعود لتطمئن على زوجها قبل أن تحضر الصغار من مدارسهم مرة أخرى وهكذا حتى أرهقت ادركت كما كبيرا من المسئوليات كان يتحمله زوجها دون ضجيج ولم تشعر به يوما .. لكن ما ادهشها أنها لم تتجه خلال تلك الأيام إلى مكتبتها ولم تمسك أيا من رواياتها

  • الحمدلله أصبحت أفضل بكثير وغدا أعود للعمل
    سعدت كثيرا ثم احتضنته كما لم تفعل منذ زمن بعيد وهمست في أذنه أريد ان أصطحبك لعملك ولو مرة واحدة
    نظر إليها بدهشة
  • حسنا لا مشكلة
    تركته للنوم وهي تتمتم شكرا لك كثيرا بطلي الوحيد
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.