جريدة النجم الوطني
alnigm.com/gif2.gif

“الخضــــر عليه الســــلام” بقلم / محمـــد الدكــــرورى

0 241

الخضــــر عليه الســــلام

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

كثيرا من الناس من يتسائل عن الخضر عليه السلام ، وكثيرا ما يدور الحديث عن ما إذا كان الخضر عليه السلام على قيد الحياه أم مات ، أو هل كان الخضر عليه السلام نبيا أم لا ، وقد اختلفت المصادر الإسلامية الموثوقة حول كون سيدنا الخضر ولياً أم نبياً، ولكن في الحقيقة لم يرد نصاً في القرآن يثبت نبوءته ولَم يرد نصاً آخر ينفيها، والظاهر أن هنالك حكمة مقصودة في عدم ذكر ذلك بشكل صريح في القرآن الكريم ربما تكون أن يهتم الناس بالهدف الأصلي لقصة هذا الرجل الصالح مع النبي موسى عليه السلام، وهو أن الإنسان قد يمر عليه في حياته مصائب وشدائد قد تنهكه ولكنها في الوقت ذاته تخفي في جوهرها الرحمة، وهذه إرادة الله سبحانه وتعالى ليثبت لعباده أن علمهم مهما اتسع فسيبقى محدوداً ولا يساوي شيئاً من علم الله إلا بمقدار ما يأخذه العصفور من الماء عندما يبلل منقاره في ماء البحر.

والصحيح أن الخضر نبي كما دل عليه ظاهر القرآن الكريم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ” أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد عَلات، وليس بيني وبينه نبي فدل على أن الخضر قد مات قبل ذلك، ولو فرضنا أنه ليس نبيا وأنه رجل صالح لكان اتصل بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولو فرضنا أنه لم يتصل لكان مات على رأس مائة سنة ، كما قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في آخر حياته ” أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد فدل ذلك على أن من كان موجودًا في ذلك الوقت لا يبقى بعد مائة سنة بنص النبي عليه الصلاة والسلام أنهم يموتون قبل انخرام المائة.

فالحاصل أن الخضر قد مات وليس بموجود، والذي يزعم أنه رآه إما أنه كاذب، وإما أن الذي قال إنه الخضر قد كذب عليه وليس بالخضر، وإنما هو شيطان من شياطين الإنس أو الجن ، والخضر هو العبد الصالح الذي ذكره الله تعالى في سورة الكهف حيث رافقه سيدنا موسى عليه السلام وتعلم منه ، واشترط عليه أن يصبر، فأجابه إلى ذلك، فقال له: وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا، وظل معه، وهو عبد آتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علمًا، ومشى معه في الطريق ورآه قد خرق السفينة فقال: أخرقتها لتغرق أهلها ؟ … إلى آخر ما ذكره الله عنه في سورة الكهف، وكان موسى يتعجب من فعله، حتى فسّر له أسباب هذه الأمور وقال له في آخر الكلام (وما فعلته عن أمري، ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرًا) يعني ما فعلت ذلك عن أمري، وإنما عن أمر الله تعالى.

وهناك بعض الناس يقولون عن الخضر: إنه عاش بعد موسى إلى زمن عيسى ثم زمن محمد عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين وأنه عائش الآن وسيعيش إلى يوم القيامة ، وتنسج حوله القصص والروايات والأساطير بأنه قابل فلانًا، وألبس فلانًا خرقة، وأعطى فلانًا عهدًا … إلى آخر ما يقصون وينسجون من أقاويل ما أنزل الله بها من سلطان، وليس هناك دليل قط على أن الخضر حي أو موجود ، بل على العكس، هناك أدلة من القرآن والسنة والمعقول وإجماع المحققين من الأمة على أن الخضر ليس حيًا.

وسئل الإمام البخاري عن الخضر والياس هل هما أحياء ؟ فقال: كيف يكون هذا ؟ وقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد ” (رواه البخارى ومسلم ) . وسئل عن ذلك كثير غيرهما من الأئمة فقالوا مستدلين بالقرآن (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفإن مت فهم الخالدون) ؟

وسئل عنه شيخ السلام ابن تيمية رحمه الله عليه فقال:”لو كان الخضر حيًا لوجب عليه أن يأتي النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويجاهد بين يديه ويتعلم منه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر يقول “اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض” وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم،فأين كان الخضر حينئذ؟ فالقرآن ،والسنة، وكلام المحققين من علماء الأمة ينفي حياة الخضر كما يقولون.

والقرآن يقول: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفئن مت فهم الخالدون) فالخضر إن كان بشرًا فلن يكون خالدًا، حيث ينفي ذلك القرآن الكريم والسنة المطهرة؛فإنه لو كان موجودًا لجاء إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد قال عليه الصلاة والسلام “والله لو كان موسى حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني” رواه أحمد فإن كان الخضر نبيًا، فليس هو بأفضل من موسى، وإن كان وليًا فليس أفضل من أبي بكر.

وما الحكمة في أن يبقى طيلة هذه المدة كما يزعم الزاعمون في الفلوات والقفار والجبال ؟ ما الفائدة من هذا ؟ ليس هناك فائدة شرعية ولا عقلية من وراء هذا ، إنما يميل الناس دائمًا إلى الغرائب والعجائب والقصص والأساطير، ويصورونها تصويرًا من عند أنفسهم ومن صنع خيالهم، ثم يضفون عليها ثوبًا دينيًا، ويروج هذا بين بعض السذج، ويزعمون هذا من دينهم، ولكن ليس هذا من الدين في شيء ، والحكايات التي تحكي عن الخضر إنما هي مخترعات ما أنزل الله بها من سلطان.

ويذكر المؤرخون قصة نشأة الخضر اعتمادا على روايات تاريخية مذكورة في كتبهم ، فقالوا ان الخضر عليه السلام كان ابن ملك من الملوك ، وكان ابوه اسمه (ملكان) وكان ملكا عظيما ، في الزمان الأول ، ولهذا الملك سيرة حسنة في اهل مملكته ، ولم يكن لديه ولد غير الخضر عليه السلام ، فسلمه الى المؤدب ليعلمه ويؤدبه ، فكان الخضر عليه السلام يأتي اليه كل يوم ، فيجد في الطريق رجلا عابدا ناسكا ، فيعجبه حاله ، فكان الخضر عليه السلام يجلس عند ذلك العابد ، ويتعلم منه حتى شب على شمائل العبد وعباداتة ، فنشأ الخضر منقطعا لعبادة الله عز وجل في غرفة خاصة به في قصر ابيه ملكان.

ولكن من هو الخضر ولماذا سمي بالخضر عليه السلام ، هو تاليا بن ملكان بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام ، أما كناه فأبو عباس وأبو محمد وقد اشتهر بأبي محمد عند العوام ، وأما ألقابه (الخضر) و (العالم) و(العبد الصالح) واشتهر بالخضر، ولم يأت في القرآن ذكر اسم الخضر عليه السلام بصراحة ، ولكن طبقا للروايات المتعددة ،وفى سورة الكهف (الخاصة بقصة موسى عليه السلام والرجل العالم) هو الخضر عليه السلام ، حيث يصفه الله سبحانه وتعالى فيقول ” فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لدنا علما ” .

وبناء على ذلك فان الخصر عليه السلام طبقا لتلك الآيه هو من عباد الله الخواص والذي كان في عناية الله ورحمة الاهيه خاصة حيث كان عنده علم لدني ، وقيل انه لا يجلس على خشبة يابسه ولا ارض بيضاء الا ازهرت خضراء وانما سمي الخضر لذلك ، وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه آله وسلم قال: انما سمي الخضر خضر لأنه صلى على فروة بيضاء فاهتزت خضراء.

ويذكر ان الخضركان ابوه ملكا واخوه هو اليسع ، وكان في يوم من الايام مار براهب ، فعلمه الإسلام ، وكان الخضر لا يريد الملك ، فقال اخوه (اليسع) لوالده انه لا يريد الملك لذا اقترح ان يزوجوه ويأتي بابن وهذا الابن هو من سيحكم ويأخذ الملك ، فلما بلغ الخضر زوجه ابوه من امرأة ، فعلمها الخضر الإسلام ، واوصاها ان لا تعلم احدا ، وكان الخضر لا يقرب النساء ، لذا سألها ان تريدين ان تبقي معي او اطلقك ؟ فأجابت سأبقى واتعبد الله معك .

ومر عام ، فسألها والده ؟ أين الولد يا امرأة ؟ لقد زوجناك ولدنا وانتي باكرا فأين الولد ؟ فقالت له : انما الأولاد من عند الله ، فطلقها منه ابوه وزوجه باخرى ، فعلما الخضر ايضا الاسلام ، واخذ منها وعدا ان لا تعلم احدا ، وقال لها هل ستبقين ام تريدين ان اطلقك ؟ فأنا لا أقرب النساء .

فأجابت كلا سأبقى معك واتعبد الله معك ، وبعد مرور عام سألها والده اين الولد ؟

لقد زوجناك ولدنا وانتي باكرا فأين الولد ؟ فقالت : ان ابنكم لا يقربن النساء ،فمالي انا !؟ (ونقضت العهد الذي عاهدت به الخضر عكس ما عملت زوجته السابقه ، فكما نرى كتمت احداهما ، وافشت عليه احداهما .

فحينما علم الخضر ان والده علم ، فر هاربا الى جزيرة ، فرأى رجلان يحتطبان ، فعلمهم الإسلام ، بعد ذلك حين سألوهم كتم احدهما وافشى الآخر ، فسألوا الذي كتم السر فلم يعلمهم شيئا وانكر ، فقتلوا الذي افشى لأنهم من يكذب يقتلونه وذلك كان دينهم ، ثم تصادفا الرجل الذي كتم عن الخضر وزوجة الخضر التي كتمت عليه ، وتصادف انها قالت : بسم الله الرحمن الرحيم ، فعلم انها مسلمه ، سألها من الذي علمك ، وانا ايضا مسلم ، فقالت الخضر ، فقال وانا ايضا ، ثم تزوجا .

وكانت هي ماشطة بنت فرعون ، التي حين كانت تمشط شعر بنت فرعون وقع المشط فقالت بسم الله ، فسألتها ابنة فرعون : ابي ؟ فقالت : كلا ، ربي وربك ورب ابيك ورب العالم اجمعين ، فأخبرت اباها عن ذلك ، فجهز لها فرعون حفرة من زيت حام ، وكانت تحمل ابنها ، وهو بالمهد رضيع ، وحينما رأت الزيت أشفقت على صغيرها ، فجعل لها معجزة الله تعالى وانطق ابنها فقال لها اصبري يا اماه فإنك على حق ، فقفزت في الزيت الحام هي وابنائها وزوجها ، وان لها مكانة عاليه لدى الله تعالى ، فقد شم ريحها المسك النبى صلى الله عليه وسلم فى رحلة الإسراء والمعراج ..

كان الخضر يمشي في سوق بني اسرائيل ، رآى رجل مكاتب ، فقال له الرجل : تصدق علي بارك الله فيك ، فقال الخضر: آمنت بالله ، ما شاء الله من امر يكون ، ماعندي من شيء اعطيك ، فقال المسكين أسألك بوجه الله ان تتصدق علي ، فإني رأيت البركه بوجهك، فقال له الخضر عليه السلام ، آمنت بالله ماعندي بشيء اعطيك اياه الا ان تأخذني فتبيعني ، فقال المسكين ، وهل يستقيم هذا ؟ قال : نعم, الحق اقول لك ، لقد سألتني بأمر عظيم ، أما اني لا اخيبك بوجه ربي ، بعني .

فقدمه الرجل الى السوق ، فباعه بأربعمائة درهم ، فمكث عند الذي اشتراه فتره طويله لم يستعمله ، فقال له انك اشتريتني لأقوم لك بعمل ، فقال له اخاف أن أتعبك ، انك شيخ كبير فقال لم تتعبني ، فقال له ، انقل هذه الحجاره ، وكانت لا يحملها الا ستة رجال ، ولكن الخضر نقلهافي ساعه ولوحده .

فقال له ، لم احسنت وأجملت وقدرت ان تعمل مالم اطن انك تقدرعليه ، ثم بعدها اراد الرجل السفر ، فقال للخضر ، اني اراك امينا ، فاخلفني في اهلي ، واحرص عليهم ، فقال له الخضر، كلفني بعمل ، فقال له الرجل ، اخاف ان اتعبك ، فقال الخضر ، ليس بها تعب ، فقال الرجل ، فاضرب من اللبن لبيتي حتى اعود من السفر ، ثم سافرالرجل مدة ، وحين عاد فرأى بناءه مشيدا ؟

فقال للخضر : اسألك بوجه الله ما سبيلك وما امرك ؟

فقال الخضر : سألتني بوجه الله ، والسؤال بوجه الله أوقعني في العبوديه ، سأخبرك من انا ! انا الخضر الذي سمعت به ، سألني مسكين صدقه فلم يكن عندي من شيء أعطيه ، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي ، فباعني واخبرتك من سأل لوجه الله فرد سائله وهو يقدر، وقف يوم القيامه جلده لا لحم له ولا عظم ! فقال الرجل : آمنت بالله ، لقد شققت عليك ، سامحني ! فقال الخضر: لا بأس أحسنت وأبقيت ، فخلى سبيل الخضر ، فهذه كانت نبذه عن حياة الخضر عليه السلام …

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.