جريدة النجم الوطني
alnigm.com/gif2.gif

الإبتسامة..

0 211

بقلم / أ.د إيهاب معاذ

 

لغتي التى لا يفهمها الكثيرون
الابتسامة تلك هى إحدى العملات التى أصبحت صعبة تماما مثل أوراق العملة الأجنبية فى هذا الزمن. الابتسامة تلك التى يحسدك الكثير من الناس على رؤيتهم لك متنعما بها ، كلما قابلوك أو بحثوا عنك. الابتسامة ذلك الغياب الشاق التى يتمنون بها عودتك. لسا الدنيا بخير ، ولسا الابتسامة مجانية.
هى تلك الانفعالة الظاهرية البسيطة ، التى تحول ثورة غاضب إلى هدوء النسيم. هى حالة عدوى تخرج من القلب إذا كانت صادقة لتصيب القلب الآخر ، وتنتقل عدواها بين من يتواجدون فى نفس المكان. إنها تحير أمر كارهك قبل محبك ، إلا أنهم لايجدون سببا واحدا لتلك الكراهية التى يشعرون بها تجاهك ، يكرهونك لكنهم يحترموك. حتى فى آداب البيع والشراء داخل السوق الابتسامة موصى بها وهنا تعكس رضا النفس ، فاذكر قول المصطفى “سمحا إذا باع ، سمحا إذا اشترى”.
يرقب الاستاذ أو المعلم عيون طلابه فى القاعة ، نصيحة ، إذا وجدتهم قد اهتموا ، واغتموا ، وبدأت أعينهم فى أن تزوغ عنك أو عن ما يشاهدون ، فقد حان الوقت ، لنقلة سريعة قبل أن تخسر كل المتابعين أو المهتمين. فقد حان وقت نكتة اليوم ، وهى مستوحاة من نفس موضوع المحاضرة أو الدرس. الابتسامة تفرج لا عن النفس فقط ، بل يصل تأثيرها للعقل الذى ربما أرهقه كثرة المحاضرات ، أو ضوضاء التفكيرأو تزاحم المعلومات. غسول سريع المفعول ، تماما كما يفعل “الانتى فيرس” بمسح ملفات معلقة داخل القرص الصلب ، فتزيد معك مساحة التخزين ، ويعجل بسرعة حفظ ملفات أجدد وأولى بتلك المساحات.
“وتبسمك فى وجه أخيك صدقة” ، صدقت حبيبنا وشفيعنا رسول الله ، ما قال شيئا مصادفة ولكن فى كل مقولة حكم كثيرة. فعلى سبيل المثال اتفق علماء التشريح أن الضحك يحرك فى الوجه 17 عضلة ، مقابل 43 عضلة عند الغضب ولذلك يقولون أن الضحك يسبب تأجيل ظهور التجاعيد فى الوجه. بينما علماء علم النفس يقولون أن الاطفال ضحكون 400 مرة فى اليوم ، بينما الكبار يضحكون فقط 17 مرة فى اليوم. وأن الصحة النفسية تتناسب طرديا مع مساحة تلك الطفولة أو البراءة داخل كل نفس بشرية. وتتضاءل مساحة البراءة بشكل طبيعى، كلما تقدم الإنسان فى العمر وزاد تعداد ليالى العمر. ويبدو أن تلك المساحة ما زالت بخير فى داخل المبتسمين ، لم تتقلص كثيرا ونحمد الله على نعماء لا تعد ولا تحصى ومن بينها نعمة النسيان. فالشخص البشوش ، صاحب سريرة بيضاء ناصعة لا يتبقى داخل جدرانها غلآ أو حقدآ وحسدآ ، فينسى تماما الخلافات الشخصية ، بل الإساءة نفسها التى وجهت له.
الابتسامة لها شروط ، ألا تكون خروجا على الآداب العامة والأخلاق ، بكلمات مبتذلة ، أو إيماءات ساقطة ، من أجل ضحكة لا تثاب عليها ، بل تأثم بها ، وتأثم بكل من جعلها طريقة أو اسلوب فى لغات التعامل ، حتى لو كانت بين الرجال فقط أو بين الإناث فقط. فالخروج على الأخلاق إثم على الدوام. واحذر أيضا أن تكون الابتسامة باستخراج ضحكة ساقطة ، بالسخرية من لقب زميل أو اسمه أو كنيته ، وهو ما أشار إليه المولى عز وجل ” ولا تنابزوا بالالقاب ، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان”.
أصبحت أكثر وأقصر الطرق لنجاح الكوميديان أن يؤدى فى أعماله الأولى دور امرأة ، نجاح مضمون ، وأداء سهل ، فتصيب بشكله الغير طبيعى هستيريا الضحك غالبا ، سخرية مما يضطر لفعله وهو يؤدى ذلك الدور. وحتى يكون الحكم منصفا ، اشطب هذا المقطع من الفيلم ، فإذا لم يؤثر على مضمون الفيلم ، فهى زيادة هدفها جذب انتباه الجمهور على شباك التذاكر.
ترى الآن فى الطرقات وفى المواصلات العامة ، الشباب الذين يسمعونك سبا وقذفا للآباء والأمهات ، يهتكون أعراض أهليهم وذويهم بتفاخر غريب ، ليس فيه من السخرية أى شىء بل وليست أيضا من النخوة والرجولة فى شىء ، والكل يضحك ، فأى ابتسامة تلك ، وأى تفاخر بسوء الأخلاق هذا الذى فيه يتبارون !!! ، ولا أتخيل لوصادف أحدهم وجود أبيه وأمه بينهم ، تحت بند “هزار ياعم الحج مالك فى إيه احنا اصحاب مع بعض ” بما يقال عنهم أو يقوله ابنهم فى عرض أخيه ، ماذا سيفعل او ستفعل تلك المسكينة. عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ: يسب الرجل ابا الرجل فيسب اباه وأمه هل هى جاهلية جديدة ؟ بل إن هناك أمورا فى الجاهلية ما رفضتها تقاليدهم ، ومنها هتك العرض ، فهل هذه أخلاق المسلمين فى القرن الحديث ، أم هى عودة الى جاهلية جديدة ، انكم بذلك الهزار لا ترمون المحصنات فقط بل الأمهات أنفسهم ، وأمهات من ،،،، الضاحكين المتفاخرين بما يأثمون من فحش القول.
لذلك أرجوك ، لا تظن أن ما انطلق من ضحكات او ابتسامات وتعليقات ، هى سخرية ، أبدا حاشا لله ، فقط اذكر صاحبها إذا ضحكت أو ابتسمت ، وتذكره فى دعائك متى سمعت أنه اكتفى من الحياة فرحل..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.