جريدة النجم الوطني
alnigm.com/gif2.gif

إضطرابات التعلق عند الأطفال

0 515

إضطرابات التعلق عند الأطفال

إعداد دكتور نورا سلطان

1- نبذة عن تطور سلوك التعلق:
لقد ظهرت مشاكل الحرمان والفقدان والفراق بعد الحرب العالمية الثانية عند الأطفال وظهر تأثيرها على النمو بشكل ملفت للانتباه ، وبما أن البحوث التجريبية في مجال النمو وفي العلاقات الاجتماعية كذلك منذ فترة ز كذلك كانت فكرة الطابع الأولي للتعلق قد تتطرق إليه العديد من الباحثين الرواد في أوروبا ، حيث كان ( Hime ,Herann)و ( Farenzi)تكلما عن الحاجة الأولية للتشبث والالتصاق في إطار مراقبة جديدة بعيدة عن الايتولوجيا لتفسير النمو الانفعالي. وكان الباحث الانجليزي ( Fairbaim) أول اقتراح التخلي عن فكرة النزوات التي جاء بها فرويد والتي رفضها بولبي مع الانجليزي (Balint) الذي تكلم عن الحب الأولي من جهتها وصفت (Anna ;Freud)و (D ;Burlingham) الآثار السلبية للانفصال الطويل الذي يعيشه الأطفال في سن مبكرة من العمر ، وبالتالي أوصلت بضرورة إرساء التعلق الأولي المبكر للطفل مع مقدم الرعاية “الأم” وضرورة احترامه.

اعتبر المحللون “الثدي” كموضوع تعلق، ويعتبر البعض الابتسامة، النظر ، الصوت ، اللمس، المداعبة تلعب دورا هاما في التعلق ، وبمجيء J . Bowlby ، أعطى الأهمية لهذه المفاهيم كشرط أساسي في العلاقة أم – طفل فسلوك التعلق يولد من نسق ومن ردود أفعال قديمة :” مص ، حفر ، متابعة ، التصاق ،صراخ….” تعمل هذه الأنظمة مثال : المص يشارك في التغذية ولا يؤدي حركات فارغة بل حركات الاتصال والتوجيه بعدها إلى حركات الالتصاق المتتالي “منعكس الحفر “كحفر الأرض بالوجه موجود عند الحيوانات ، ويعتبر كمنعكس توجيه الطفل لثدي الأم ، ونجد أيضا “منعكس القبض” حيث يتعلق بإصبعه على الموضوع بعدها يتبع الضوء ثم الصوت.
هذه الأنظمة في تطور تدريجي تتطلب عناية أمومية ،فكلما يكبر الطفل يتطور النسق ويصبح سلوكه غني : ابتسامة ، مناداة ،مناغاة ومحاولة اتصال مع وجه تعلق وعلى أساس هذا التبادل ينشأ ويتطور هذا الرابط .
ركز بولبي على نظرية السلوك الغريزي من خلال دراسته للحيوان تحت اسم البصمة حيث قال “إن العلاقة أم – طفل هي المنتج لكثير من الأنظمة السلوكية خلال تفاعلاته يكون فكرة عن من يقوم على رعايته وهذه الأنظمة تعدل وتضبط السلوك الغريزي

2- مفهوم التعلق:
أ- اضطراب التعلق:
إخفاق الطفل الصغير في أن ينمو بقوة بسبب الإهمال الانفعالي والعزلة الاجتماعية . ويتميز اضطراب التعلق بعدم الاكتراث وعدم التجاوب.
ب- سلوك التعلق:
عند الناس نمط من السلوك نحو صورة الأم التي تنمو منذ سن ستة أشهر وما بعدها وسلوك التعلق بصفة عامة يصدق على الشخص الذي يحقق اقترابا من شخص آخر ويحافظ على هذا القرب ويكون مغفلا عنده ويراه أقوى منه وأكثر حكمة . ويشتمل هذا السلوك على الإتباع ، والتعلق ، والبكاء ،والنداء ، والتحية ، والابتسام وغيرها من الأمور الأكثر تعقيدا.
ج- رابطة التعلق:
وهي علاقة أولية خاصة تتكون وتنمو تدريجيا بين الطفل وأمه الحقيقية أو بديلها ، ويعرف الوليد في النصف الثاني من عامه الأول أمه بوضوح ويميزها.
د- تعريف التعلق:
التعلق Attachement في معناه الأدبي حالة وجدانية بين فردين تربطهما علاقة حب أو مودة أو معرفة أو صداقة أو مهنة وتتسم هذه العلاقة بالمشاعر الودية والمتينة وبالحرص على استمرارها ن أما التعلق الأمومي فهو ظاهرة فريدة من نوعها إذا تعود أهميتها غلى ما قبل المرحلة الجنينية لأن الحمل يشكل بالنسبة للأم مصدر فرح وسعادة ، ومن حيث المعنى النفسية يعتبر التعلق بمثابة دلالة على مرحلة نمائية وإلى علاقة بين مجموعة أفراد، كما يعد مجموعة من الظواهر الخاصة التي تعكس الخصائص المميزة لتلك العلاقة.
ويمكن تعريف التعلق بأنه مظهر سلوكي من مظاهر السلوك الانفعالي والاجتماعي عند أطفال مرحلة ما قبل المدرسة ، رغبتهم الشديدة هي أن يكونوا قريبين حد الالتصاق من أفراد آخرين لهم مكانة خاصة لديهم

تعريف بولبي : هو ذلك الشعور الذي يربط الأبوين والطفل معا وهو الرابطة الشعورية بينهم والذي يتمثل في الرغبة في الاتصال بهم، من خلال الاقتران والالتصاق واللمس والنظرة والابتسام والكلام وتعرضه بدرة معتصم ميموني: هو حاجة فطرية تضمن بقاء الصغير بقرب الكبير لحماية الصغير من الأخطار ولهذا السلوك دور المحافظة على البقاء ،منذ الولادة يظهر عند الطفل ميول إلى التقرب من الأم مما يزوده بالاطمئنان والأمان وهذا ما يسمى التعلق، أي هو الحاجة إلى البقاء بقرب الأم أو بديلها وهو ليس نتيجة تعلم بل حاجة فطرية وراثية ولها وظيفة أساسية هي حفظ النسل بمعنى منع الصغير من الابتعاد عن العناية والأمان والحماية

3- اضطراب التعلق عند بولبي:
مع بداية الحرب العالمية الثانية عمل بولبي مع وينيكوت Winnicott في متابعة الأطفال المحرومين من الوالدين ونشر سنة 1944 دراسة تتبعية أقيمت على 22 سارق من الشباب ، فقام بمقارنة 22 طفل سارق يتراوح سنهم بين 6-16 سنة ، بآخرين لم يرتكبوا جنح سرقة ،(مجموعة ضابطة) فوجد في مجموعة الدراسة 12 طفل وصفهم بغير القادرين على إيداء أي عاطفة على خلاف المجموعة الضابطة التي لم يجد فيها هذا النوع من الأطفال ، وقد كان 14 طفل تعرضوا لانفصال تام طويل (أثر من 6أشهر) مع أمهاتهم أو أمهات بديلات ، أما غي المجموعة الضابطة فهناك اثنين فقط. وقد لاحظ لدى 14طفل المذكورين نقص في التعبير عن العاطفة ن أو لا يظهرون دفئا عاطفيا لأي أحد ، منعزلين ، وكل ما تقول لهم أو تفعله لأجلهم لا يعطي اختلاف بالنسبة لهم ، ونادرا ما يستجيبون للأطفال أو العقاب بالإضافة إلى تواجد اضطرابات سلوكية مثل السرقة والكذب لديهم.
استغل بولبي مع روبيرتسون Robertson سنة 1946 في المصحات التي تعتني بالأطفال، وقام بدراسة معمقة على تأثير الانفصال عن الأم وبديلها في فترة الطفولة المبكرة ، واستنتجوا أن الأطفال يعيشون أزمة نفسية شديدة مع فقدان التعلق ، ووصف روبيرتسون المراحل التطورية التي يعيشها الطفل بعد الانفصال مع الأم وهي مرحلة الاحتجاج ثم مرحلة اليأس (فقدان الأمل) ثم مرحلة الانفصال (غياب التعلق).
بدأت نظرية التعلق في التبلور في عام 1948 على يد الطبيب النفساني الإنجليزي جون بولبي الذي قام بالتحقيق حول آثار الفصل بين الأطفال وأمهاتهم وردود فعل هؤلاء الأطفال ، من اضطرابات وخلص إلى أن فقدان شخصية الأم في مرحلة الطفولة المبكرة هي الحدث الرئيسي في تأسيس الشخصية.

4- أنواع اضطرابات التعلق:
التعلق غير الآمن (القلق):
تكون الأم في هذه الحالة متقلبة في استجاباتها ، تسرع جيدا في استجاباتها لمتطلبات ابنها وتتلكأ حينا آخر وتعرض في أحيان كثيرة أو تكون عاجزة عن إدراك تعابير وجه طفلها و إشاراته المرسلة وهذا يؤدي إلى نمو علاقة غير آمنة مع طفلها ، قوامها الثقة المفقودة أو المتأرجحة ، فتعرض الطفل للإهمال أو الاهتمام الزائد من قبل الحاضن وعدم تلبية حاجياته المختلفة والقدرة على إشعاره بالحب والأمن والحب والطمأنينة ،يساهم في جعله قلقا ملتصقا بالشخص المتعلق به ، غير قادر على الابتعاد عنه أو القيام بأي نشاط بمفرده، ويصبح مشلول المبادرة عاجزا عن التفاعل مع الآخرين ويتولد لديه الشعور بالشك في القدرة على التحكم ومشاعر العجز.
التعلق التجنبي:
والذي فيه لا يكون لدى الطفل أي ثقة بأنه سوف يجد التجاوب والتعاون عند الاحتياج للرعاية ، بل الرفض والصد ، وعند درجة معينة يحاول الطفل أن يكتفي بنفسه عاطفيا فيحتفظ بوالديه بعيدا عنه ، ويصير مختصرا ومقتضب الحوار الذي يصبح غير شخصي، منشغلا بأنشطته وألعابه الشخصية متجاهلا أي مبادرات قد تنشأ من الوالدين ، وقد يصير فيما بعد شخص نرجسي أو ما يسمى بالذات الزائفة . هذا النمط من التعلق يكون الاضطراب فيه خافيا ، ينشأ من الرفض والصد المستمر للأم عند احتياج الطفل إليها ، والذي قد يؤدي عند الشدة إلى المرض والوفاة ، وهنا يشب الطفل في عزلة عاطفية ونفسية ، عدوانيا أو مضادا للمجتمع ، وللمقاومة نجده يسعى للحصول على الانتباه بطريقة مفرطة.
التعلق المنفصل:
قد يصعب على الأمهات الرد على إشارات الخطر لدى أطفالهن مما ينقص من متطلبات التعلق لديهم ، وذلك بسبب عدم القدرة على تنشيط نظام سلوكات الرعاية بشكل إيجابي ، غالبا ما تركز الأمهات على الجانب السلبي لتفاعلاتهن مع أطفالهن أو تجنب الحديث عن تجارب التعلق بشكل عام ، مبررة ذلك بعدم قدرتهن على استرجاع الذكريات المرتبطة بطفولتهن. في حالة قبول التطرق إلى مثل هذه المواضيع ، فيكون خطابهن غير منسجم بين الوصف الإيجابي لوالديهن واستحالة توضيح ذلك بذكريات محددة إلى حد التناقض أحيانا …. يقابل “التعلق المنفصل” للأم ،” تعلق تجنبي” لدى الطفل.
التعلق المنشغل:
تتصف الأمهات بتقلبات سلوكية وتصورية ،حيث تطور استراتيجيات للحفاظ على أطفالهن بالقرب منهن مع تشجيع التبعية لكن تظهرن قليلة التجاوب لحاجات أطفالهن. كما تتميزن بالعجز على إدماج ما هو جيد وما هو سيء وكذا الإيجابي والسلبي . إلى جانب هذا تطغى عليهم انفعالاتهن المرتبطة بذكرياتهن ، فتظهرن شعورا بالغضب لا زال باقيا إلى حد الآن وغير متضمن وهو مرتبط بوالديهن ، أو تكون مواقفهن متذبذبة تماما فيما يخص تقدير علاقتهن بأولادهن. بالنسبة للتعلق المنشغل لدى الأمهات ، نجد تعلق “قلق- متناقض” عند أطفالهن.
التعلق الفوضوي/غير محلول:
يعود هذا التعلق إلى تجارب صادمة عاشتها الأمهات (كالفقدان ، انفصال، اعتداء) أو تجربة حداد وعليه يتميز خطابهن بالاختلال والفوضى في شكله ومحتواه عندما تسترجع تلك التجارب الصادمة ، بالإضافة إلى خوفهن من فقدان أطفالهن.

5- مظاهر اضطرابات التعلق:
يشير الدليل التشخيصي الإحصائي الر ابع للاضطرابات النفسية DSM IV إلى عدد من المظاهر المرتبطة باضطرابات التعلق لدى الأطفال هي:
▫️الضيق عند انفصال الطفل عن المنزل أ, عن الشخص المتعلق به.
▫️القلق المفرط ن الانفصال أو من حدوث أذى للشخص المتعلق به، كأن يفقده بالموت مثلا.
▫️الكوابيس المتكررة التي تعكس الخوف من الانفصال.
▫️القلق المفرط تجاه المواقف التي يفتقد فيها إلى الشخص المتعلق به
▫️خوف الطفل المستمر والمبالغ فيه من بقائه ، وحيدا دون شخص يتعلق به أو أي شخص راشد في أي موقع آخر يوفر له الحماية.
▫️الشكاوي المتكررة من أعراض بدنية ” الصداع ، أوجاع البطن والمعدة، والغثيان والتقيؤ” في حال انفصال الطفل عن الشخص المتعلق به، أو قبل حدوث موقف الانفصال.
رفض الطفل المتكرر للذهاب إلى النوم دون وجود الشخص الذي يقوم على رعايته بالقرب منه ، أو رفض الطفل النوم خارج المنزل.

6- النظريات المفسرة لاضطرابات التعلق:
نظرية التحليل النفسي:
لقد انبثق الاهتمام بتعلق الطفل من نظرية فرويد عن النمو النفسي الحسي ومفهوم التقمص Idntification وطبقا لنظرية فرويد فإن الأطفال الصغار مهيئون بيولوجيا للارتباط بالأشخاص من حولهم . ولقد نظر إلى التعلق على أنه شحنة انفعالية لاختيار الشخص إذ يستثمر الطفل الصغير بعض الطاقة الليبيدية في شخص آخر قد يكون الأم أو البديل ، وقد افترض أن ذلك يحدث لكل من الأولاد أو البنات في السنة الأولى من حياتهم.
نظرية التعلم :
لقد ترجم علماء التعلم نظرية فرويد إلى مصطلحاتهم الخاصة ، وصاغوا افتراضات يمكن اختيارها ، وجمعوا معطيات عن نمو التعلق في صغار الأطفال بطريقة منهجية . والكثير من أبحاثهم اهتمت بدور إجراءات تربية الطفل ، واستنتجوا أن الأطفال الصغار يتكون لديهم التعلق أساسا من خلال التغذية ، وعادة يكون هذا التعلق بالأم .إن الأمهات بسبب ارتباطهن بخبرة اللذة التي تتعلق بالطعام فهن يعتبرن معززات ثانوية . إن الطفل الصغير يتعلم أن قرب الأم يعني اللذة والرضا. وبمعنى آخر افترض علماء التعلم أن الأم تعطي دلالة التخلص من عدم الراحة أو هي بمثابة ابتداء المثيرات السارة . وقد افترضوا أيضا أن الطفل المضطرب أو الخائف أو الذي لا يشعر بالراحة يبحث عن والدته كمصدر للتخلص من الخوف، أو عدم الراحة أو غيرها من المضايقات .
العوامل التطورية :
كان جون بولبي John Bowlbly من أوائل الباحثين في موضوع التعلق في الأطفال الآدميين من الناحية البيئية، وهو يعتقد أن التعلق البشري له أساس بيولوجي لا يمكن فهمه إلا في إطار تطوري ، وبالرغم من أنه يغترف بدور التعلم في التعلق البشري، إلا أنه يعترف أن التركيب العضوي الإنساني مزود بأنماط سلوكية ثابتة نسبيا تعمل على خفض احتمال تعرض الوليد قبل الوصول إلى مرحلة النضج. وهذه الأنماط التي تعتبر ضرورية لبقاء النوع تولدت عن التاريخ التطوري للإنسان وقامت وظائف تشبه وظائف التعلق في الأشكال الحيوانية الأدنى مرتبة منه ، وأهمها حماية الصغار ، ولكي تكون هذه السلوكات فعالة يجب أن تكون موجهة إلى الأعضاء الراشدين من النوع ،وخاصة الأم ، وهذه السلوكات تتضمن الرعاية المناسبة منذ الطفولة . ويهدف التعلق إلى وضع الطفل على اتصال وثيق ببعض أعضاء النوع وهو ينشط عندما ينفصل الصغار عن هذا النحو أو يهددونه بذلك. يعتقد بولبي أن الإنسان قد طور الأنماط السلوكية التي تعكس التعلق . وبتوجيه السلوك التعلقي نحو الراشدين، وعادة من يقوم بالرعاية الأولية له ، فإن الطفل يضمن الرعاية المناسبة ويزيد فرصته للبقاء إلى فترة طفولة طويلة.

7- العوامل المؤثرة في التعلق :
الحرمان من الأم:
تعتبر الدراسات التي أجراها رني سبيتز عام 1945- 1946 من أكثر الدراسات التي أشارت إلى أثر الحرمان من الأم على نوعية التعلق وشعور الطفل بالأمن ، حيث قام بملاحظة أطفال المؤسسات والذين تم التخلي عنهم وهم في عمر ما بين (3) أظهر وحتى نهاية السنة الأولى مستخدما تقنية عرفت باسم تحليل الشاشة وهي تقنية تقوم على تبطئة سرعة الفلم المصور من 24 إلى 8 صور في الثانية وذلك من أجل توضيح التعابير الانفعالية لدى أطفال المؤسسات والحصول على فهم أعمق لاستجاباتهم الانفعالية ، ونتيجة لملاحظاته توصل إلى أن أطفال المؤسسات يعانون من مشكلات حادة مثل صعوبات النوم ونقص الوزن والانسحاب.
توعية الرعاية:
يرى بوليي أن التاريخ التفاعلي بين الطفل ومقدم الرعاية هو المحدد الرئيسي لنوعية التعلق الملاحظ عند الأطفال في السنة الأولى . فالأطفال يشكلون توقعات “نماذج” ذهنية عاملة تتعلق بمدى توافر وحساسية مقدم الرعاية بناءا على إشارات التوتر التي يصدرها الطفل واستجابة مقدم الرعاية لها.وتتفق معظم الأبحاث التي تناولت موضوع التعلق إلى أن حساسية مقدم الرعاية هي العامل الحاسم في إنتاج التعلق الأمن والتي تتضمن الاستجابة الفورية والمتسقة والمناسبة للإشارات التي تصدر عن الطفل .
مزاج الطفل :
يرى “بوليي” و”أينزورث” أن المزاج والتعلق منفصلين عن بعضهما البعض ، وبناء على ذلك فإنه يمكن القول أن مزاج الطفل يرتبط ببعض السولوكات الملاحظة في موقف الغريب إلا أنه لا يرتبط بنوعية التعلق باستثناء المزاج الصعب المترافق مع رعاية غير حساسة ، فالدراسات تشير إلى وجود علاقة ثابتة بين تقارير الوالدين المتعلقة بين مزاج الطفل والتوتر الملاحظ في موقف الغرباء وليس بين تقديرات المزاج والتعلق ،مع ذلك فإن خصائص الأطفال تمارس تأثير غير مباشر في التعلق الآمن عندما تأثر على نوعية الرعاية المقدمة للطفل فمثلا من المحتمل أن المواليد الجدد الذين يعانون من مشاكل عصبية ليس من المحتمل أن يصبحوا ذوي تعلق غير آمن إلا إذا ترافق هذا العامل مع مستويات منخفضة من الدعم الانفعالي والاجتماعي ،وبشكل مشابه فإن الأطفال الميالون للتوتر لا يمكن أن نتنبأ بتعلق قلق لديهم إلا إذا ترافق ذلك مع ضبط والدي مبالغ فيه.

8- العلاقة بين أنماط التعلق الوالدي وقلق الإنفصال :
يؤثر قلق الانفصال بالتعلق الوالدي الذي كونه الطفل مع والديه في الطفولة المبكرة والتي تستمر حتى المرحلة العمرية التالية. يتحدد قلق الانفصال بناء على نوعية وطبيعة تعلق الطفل بأمه ،فإذا كان التعلق من النوع الآمن فإن ذلك يساعد تدريجيا في معرفة أن غياب الأم عنه يعقبه عودتها وهنا يكون الطفل أقل خوفا من فقدانها ،أما إذا كان العكس تعلق غير آمن (تعلق قلق) فإن ذلك يساعد على زيادة قلق الانفصال لدى الطفل لعدم ثقته أصلا في استجابة لحاجياته الأساسية .
لقد تبين من البحوث التجريبية التي قام بها كل من “ستابتون”و “أينزورث” عام 1973 أنه هناك فروق بين الأطفال ، من حيث نوع وشدة التعلم والتي ترجع بدورها إلى شدة التفاعل مع الحاضن في المراحل الأولى حياته، حيث وجد أن الأم التي تحظى بقدر كبير من القدرة على التعبير عن الحب ، وكانت واضحة في استجاباتها وفرت له العديد من المناسبات لتحقيق الاستثارة الاجتماعية، فإن ذلك يساعد على تنمية نوع من التعلق الآمن، والعكس إذا كانت الأم غير مستجيبة لحاجات الطفل بشكل مستقر وثابت.

9- علاج اضطرابات التعلق :
الأطفال الذين يعانون من مشاكل تعلق أفضل علاج لهم هو من قبل مختصين حتى يتمكن من وضع الطفل في بيئة ثابتة ، بالإضافة إلى صبر الأهل وحساسيتهم وثباتهم أيضا وجعلهم يفهمون تصرفات أطفالهم من ناحية طبية وتنموية. من أنواع علاج هذا النوع من الاضطرابات مايلي:
على الرغم من من غياب معلومات مهمة وكافية حول هذا الاضطراب ، إلا أن هناك بعض المتمرسين الذين قاموا بعمل نماذج علاجية يعتقدون بأنها فعالة منهم مكيلففي Miklvvi و سكرويدر Skeroider عام 1989 ، مثل علاج” الاحتضان والتحكم والغضب” تنفيذ العلاج يكون من خلال أن يقوم شخص بالغ بتثبيت واحتضان الطفل حتى يتخلص من الغضب بالتعبير عن مشاعر الاهتمام والحب للطفل . فالكثيرون يؤمنوا أن هذا العلاج يقوم بإيقاظ مشاعر وتجارب الطفل السابقة ، ويدفعه للمواجهة والتعبير عن حاجته إلى التعلق أمام الآخرين.
دائرة الأمن يتضمن هذا العلاج (20) أسبوع من العلاج الجماعي لمساعدة الأهل على فهم حالة الطفل، ويتم تعليمهم كيف يراقبون تصرفات أطفالهم وكيف يتفاعلون معهم ، وهذا العلاج يؤدي إلى زيادة مسؤولية الأهل نحو الأطفال.
تفاعل الأهل – الطفل هو عبارة عن فصل يجمع (12- 14) من الأهل في دورات علاجية وتدريبية ويتضمن العلاج مراقبة المعالجين للأهل عبر فاصل زجاجي “مرآة باتجاه واحد” ويقومون بإعطائهم تعليمات لكيفية التصرف مع الطفل .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.